وكشفت الصحيفة أنها اطلعت على ما سمَّته ”وثيقة سرية“ أعدها هؤلاء الخبراء الذين أجروا عمليات مسح وتنقيب سريعة في المملكة لتقدير احتياطي اليورانيوم فيها في إطار
التعاون في مجال الطاقة النووية الموقع بين
السعودية والصين.
وقدرت الوثيقة بحسب ”الغارديان“ أن ”
السعودية ستكون قادرة على إنتاج أكثر من 90 ألف طن من اليورانيوم من ثلاثة
مواقع رئيسة تم اكتشافها
في وسط وشمال غرب البلاد“.
وتقول الوثيقة: إن تقدير تلك الاحتياطات كان على أساس أوّلي؛ ما يعني أن المملكة بحاجة لمزيد من عمليات المسح والتنقيب لتأكيد تلك الكميات وتكلفة الاستخراج.
ولفتت الصحيفة إلى أن
السعودية التي تملك
ثاني أكبر احتياط نفط مثبت في العالم كانت دوما منفتحة بشأن طموحها لإنتاج اليورانيوم محليا، مشيرة إلى تصريحات مسؤول حكومي
سعودي عام 2017 قال فيها، إن الهدف هو تحقيق الاكتفاء الذاتي لإنتاج الوقود النووي بكميات كافية لإقامة مشاريع طاقة نووية.
تصدير الفائض
وأوضحت الصحيفة أن الوثيقة التي كشفت عمليات المسح التي قام بها الخبراء الصينيون عام 2019 تشير إلى أن المملكة لديها احتياطات كافية لإنتاج الوقود لمفاعلات الطاقة النووية التي تعتزم إنشاءها، ولتصدير الفائض منه.
وأشارت الصحيفة إلى أنها لم تستطع تأكيد صحة الوثيقة التي أعدها معهد بكين لأبحاث جيولوجيا اليورانيوم والمؤسسة الصينية للطاقة النووية، بالتعاون مع مؤسسة الأبحاث الجيولوجية
السعودية.
ونقلت الصحيفة عن مدير وكالة الطاقة الذرية الدولية رافايل جروسي قوله: إن الوكالة على اتصال بالرياض على أساس أنها مهتمة بتطوير طاقة نووية لأغراض سلمية.
وقالت إن الوثيقة أظهرت أن
أكبر المواقع التي تحتوي على احتياطات يورانيوم يقع على مقربة من مشروع ”نيوم“ الذي طرحه الأمير محمد بن سلمان في إطار رؤية 2030، مشيرة إلى أن الشركات الصينية بدأت بمسح المواقع في المملكة عام 2017 وانتهت أواخر العام الماضي.
وبينت الصحيفة أن عمليات التنقيب والمسح شملت أكثر من 30 ألف كلم مربع في المملكة، وأن الخبراء الصينيين مكثوا لمدة ثمانية أشهر دون انقطاع مع زملائهم السعوديين، من أجل تسريع العمليات وإعداد التقارير اللازمة.
وذكرت أن مؤسسة المسح الجيولوجية الفنلدنية -التي تعتبر من أهم الشركات العالمية في هذا المجال- أشرفت على بعض نشاطات المسح إلى جانب الصينيين؛ ما يعزز مصداقية الاكتشافات على حد تعبير الصحيفة.
وحسب ”الغارديان“ من المتوقع أن تشمل الخطوة التالية عمليات مسح أكثر تركيزا في ثلاث مناطق بهدف تأكيد الاحتياطات وتكلفة استخراجها.
ونسبت الصحيفة ذاتها لخبراء في ”مركز مارتن لدراسات الحد من الأسلحة“ في واشنطن قولهم إنه حتى الآن ليس هناك مؤشرات في صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن عمليات استغلال تلك الاحتياطات بدأت، وأنهم غير متفاجئين بذلك نظرا لأن عمليات المسح انتهت منذ أشهر قليلة فقط.
وقال ايان ستيوارت من المركز: ”من المهم مراقبة المواقع المحددة في الوثيقة لأنها ستعطينا مؤشرا واضحا على أن
السعودية تمضي قدما في استخراج اليورانيوم.“
وأشارت الصحيفة إلى تقارير إعلامية أمريكية أخيرا أفادت، بأن
السعودية قامت ببناء مصنع لمعالجة اليورانيوم إلا أن ستيوارت قال ”إنه ليس هناك أي دلائل على وجود هذا المصنع“.
وأضاف: ”بما أن الموقع المذكور بعيد جدا عن مكان وجود اليورانيوم فإني أشك بوجود مثل هذا المصنع تماما… وأعتقد أنه من غير المرجح أن يتم بناء مثل هذا المصنع دون مصادر خام محلية، وإذا كانت بعض الحكومات لديها دليل على وجوده فإنها بحاجة لتقديم مزيد من التفاصيل حتى يتسنى لنا تأكيد أن هذه التقارير دقيقة وصحيحة“.
إنشاء مفاعلات نووية
وقال البروفسور كيب جيفري من جامعة اكستر البريطانية: ”في حال تم تأكيد تلك الاحتياطات فإنها ستكون أكثر من كافية لإنشاء عدة مفاعلات نووية“.
بدوره قال مارك هيبس من معهد كارنيجي للسلام في واشنطن: ”إذا كنت تفكر في إنتاج سلاح نووي فمن الأفضل أن يكون هذا البرنامج محليا وغير معتمد على توريد اليورانيوم من الخارج؛ لأن المورديين يشترطون التزاما قويا باستخدام اليورانيوم لأغراض سلمية“.
وقال هيبس: ”إن قيام الصين بمساعدة
السعودية في هذا المجال يعزز علاقاتها مع المملكة التي تعتبر حليفا قويا للولايات المتحدة، في حين أظهرت الصين اهتماما دائما بشراء خامات المعادن، وزبائن لمفاعلاتها النووية.“
من جانبه رأى بروس ريدل من معهد ”بروكنجز“ الأمريكي أن الوثيقة تظهر أن
السعودية تسعى للحصول على المتطلبات اللازمة لإنتاج طاقة نووية أو صناعة سلاح نووي، وأن ”تأمين مصدر إمداد محلي لليورانيوم يعزز هذا التوجه بشكل كبير“.
يذكر أن ولي العهد
السعودي الأمير محمد بن سلمان قال عام 2018 إنه في حال سعت إيران لإنتاج سلاح نووي فستقوم
السعودية بذلك في أقرب وقت.