وتعيش المناطق التي ضربتها السيول والفيضانات العارمة حالة عزلة وانعدام لمظاهر الحياة، عقب مغادرة السكان لها بعد أن حاصرتها المياه من كل جانب.
وفي مقابلة سابقة مع الجزيرة، قال مدير الهلال
الأحمر السوداني بولاية الخرطوم أحمد زكريا إن آثار الفيضانات التي شهدها السودان تتفاقم يوما بعد آخر، وإن عمليات المسح لا تزال جارية بهدف الوصول لتقدير أولي لحجم الأضرار.
وكانت السلطات السودانية أعلنت السبت حالة
الطوارئ في جميع أنحاء البلاد بسبب الفيضانات القياسية التي خلّفت أكثر من 100 قتيل ودمّرت أو ألحقت أضرارًا بأكثر من 100 ألف منزل، وفقا لوكالة الأنباء الرسمية السودانية "سونا".
وضربت أمطار غزيرة، مساء الاثنين، أحياء جنوب وشرق
العاصمة السودانية الخرطوم، بالتزامن مع انقطاع للتيار الكهربائي، واستمرار تدفق الفيضانات.
وذكرت
وكالة الأناضول أن أمطارا غزيرة مصحوبة برياح عالية السرعة تضرب منذ مساء الاثنين أحياء جنوب وشرق الخرطوم.
وتعاني أحياء
العاصمة المتمركزة على ضفاف الأنهر الثلاثة (النيل ورافديه)، من فيضانات منذ نحو أسبوعين، لم تشهدها البلاد منذ قرن.
من جهته، أعلن مدير الوحدة الأثرية الفرنسية في السودان مارك مايو لوكالة الصحافة الفرنسية الاثنين أنّ منطقة "البجراوية" الأثرية التي كانت في ما مضى عاصمة للمملكة المروية، مهدّدة بالفيضان بسبب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل إلى مستوى قياسي.
وقال عالم الآثار الفرنسي إنّ مفتّشي الآثار السودانية بنوا سدودا في المكان بواسطة أكياس معبّأة بالرمال واستخدموا المضخّات لسحب المياه ومنعها من إتلاف هذه التحفة الأثرية.
وبحسب خبير الآثار فإنّه "لم يسبق أبدا للفيضانات أن بلغت مدينة البجراوية الملكية التي تبعد 500 متر عن مجرى نهر النيل"، وتقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من الخرطوم.
وأكّد مايو أنّ "الوضع حاليا تحت السيطرة"، لكنه حذّر من أنّه "إذا استمرّ ارتفاع منسوب النيل، فقد تصبح الإجراءات المتّخذة غير كافية".
وأضاف أنّ مواقع أثرية أخرى مهدّدة بالفيضان على طول مجرى النيل.
ومنطقة البحراوية الأثرية تضمّ المقبرة حيث أهرامات مروي الشهيرة والمدينة الملكية لهذه الإمبراطورية المركزية التي حكمت من سنة 350 قبل الميلاد إلى سنة 350 ميلادية، وكانت أراضيها تمتدّ في وادي النيل لمسافة 1500 كيلومتر، من جنوب الخرطوم وصولا إلى الحدود المصرية.
وزار وزير الثقافة والإعلام فيصل صالح المدينة الملكية في البجراوية لبحث سبل حماية هذا الموقع المدرج منذ 2003 على قائمة اليونسكو للتراث العالمي.
ووفقا لآخر بيان لوزارة المياه والريّ فقد بلغ منسوب النيل 17.62 مترا، وهو مستوى لم يسجّل منذ بدأت عمليات تسجيل منسوب النهر قبل أكثر من 100 عام.