نشرت وزارة الخزانة الأميركة، الخميس، قائمة بأملاك
نائب الرئيس الفنزويلي، طارق العيصمي، الذي تتهمه واشنطن بدعم تجارة المخدرات وكارتيلات تهريبه عبر أميركا اللاتينية، والإرهاب الدولي، وتمويل حزب الله اللبناني تحديداً.
ونشرت الوزارة قائمة تضم شركات ومؤسسات مالية وتجارية تنشط بين الولايات المتحدة، والمكسيك، وبريطانيا، وجزر العذراء البريطانية، إلى جانب فينزويلا، مملوكة مباشرة للعيصمي، أو عن طريق شخصيات، تعمل في ظله، للتغطية على نشاطاته العابرة للقارة الأميركية والدول، حسب الوزارة، إلى جانب طائرة خاصة من طراز غالف ستريم، مع رقم تسجيلها، وتاريخ إنشاء كل مؤسسة على حدة، وتراخيصها القانونية.
عقوبة أميركية
ويأتي النشر بعد أيام قليلة من إضافة المسؤول الفنزويلي على قائمة العقوبات الأميركية، بسبب نشاطه في مجال المخدرات، ودعم الإرهاب، والتجارة الممنوعة، بما فيها تجارة الجوازات والتأشيرات، لتسهيل حركة وتنقل الإرهابيين عبر دول أميركا اللاتينية، ودول العالم، وتأمين الحماية لتجار المخدرات وبارونات تهريبها.
وفي الوقت الذي كانت وزارة الخزانة تنشر قائمة شركات العيصمي، خصص موقع أنفو بايي الأرجنتيني، تقريراً عن الخطة الأميركية الجديدة، لتجفيف منابع تمويل حزب الله، في أميركا اللاتينية، بضرب مصالح الحزب ومراكز نشاطه في دول أميركا اللاتينية، وتحييد الشخصيات النافذة في هذه
الدول التي شكلت غطاء داعماً ومسانداً سياسياً ولوجستياً للحزب، عبر مختلف
الدول مثل المكسيك، وفنزويلا، وكولومبيا، والبرازيل، وجزر العذراء
البريطانية.
وفي إطار الاستراتيجية الجديدة التي أقرتها الولايات المتحدة، فإنه لامجال للتساهل مع أي كان من الشخصيات أو
الدول التي توفر أي دعمٍ أو مساعدة للحزب على أرضها، مثل طارق زيدان العيصمي مداح، الذي تتهمه واشنطن بدعم تجارة وتهريب المخدرات، وتبييض الأموال، ومساندة حزب الله.
700 مليون دولار
وحسب تقرير سري للأجهزة الأميركية، نجح حزب الله بفضل شبكة علاقاته في أميركا اللاتينية، في تبييض ما يترواح بين 600 و 700 مليون دولار، بين 2014 و2016، وذلك بعد مقاطعة ومراجعة معلومات مصرفية سرية حصلت عليها الأجهزة الأميركية من مصارف وبنوك وشركات عاملة منطقة المثلث الحدودي، بين البرازيل وباراغواي والأرجنتين، إضافة إلى فنزويلا، وكولومبيا، والبرازيل، وجزر العذراء البريطانية، وبوليفيا، والأكوادور، بفضل مضخات مصرفية مصدرها لبنان وألمانيا.
أنفاق المخدرات
وإلى جانب الإرهاب تتهم الولايات
المتحدة في تقاريرها السرية، حسب الموقع الأرجنتيني، بتبييض أموال المخدرات الأميركية، ثم رسكلتها وإعادة تدويرها عبر مسالك مصرفية يُسيطر عليها في لبنان، وأوروبا، وأفريقيا، بشكل عام، إلى جانب الخدمات اللوجستية الكثيرة التي يُقدمها لعصابات المخدرات وكارتيلات تهريبها إلى الولايات المتحدة، بوضع خبرته الطويلة في إقامة الأنفاق على الحدود المكسيكية الأميركية، والتي تزايد عددها بنسق مزعج في السنوات الأخيرة حسب المصادر الأميركية، والتي لا تختلف كثيراً عن أنفاق حزب الله في جنوب لبنان، وعلى مقربة من الحدود الإسرائيلية، حسب المعلومات التي توصلت إليها أجهزة مكافحة تهريب المخدرات على الحدود مع المكسيك، بناءً على معاينة الأنفاق المكتشفة، التي تتسع لمرور الأشخاص والعربات أحياناً، ما يفرض خبرة طويلةً وقدرة على إقامتها غير متوفرة لعصابات المخدرات في المنطقة.
الإخوة نصرالدين
ويُضيف تقرير أنفو بايي، أن سقوط
نائب الرئيس الفنزويلي في شراك الأجهزة الأميركية، يعني توجيه ضربة قوية إلى واحدة من أقوى الشبكات التابعة لحزب الله في المنطقة، الشبكة التي تقودها عائلة نصرالدين اللبنانية الأصل، برئاسة غازي نصر الدين.
ويُعد غازي من أبرز رجال العيصمي، وهو المهاجر اللبناني الذي حصل قبل 12 سنة ققط على الجنسية، ليلتحق فوراً بعد ذلك بسفارة فنزويلا في دمشق، نائباً للسفير ومسؤولاً عن العلاقة بين العيصمي وبعض الدوائر النافذة في فنزويلا، وحزب الله.
تبادل منافع
وتؤكد الدوائر الأميركية أن العلاقة بين
نائب الرئيس الفنزويلي الحالي وحزب الله تعود إلى سنوات طويلة قبل وصوله إلى منصبه الحالي، وربما تعود إلى تبادل مصالح وخدمات بين الطرفين، إذ يوفر العيصمي الحماية للحزب في أميركا اللاتينية، منذ أن وصل إلى البرلمان الفنزويلي مجرد
نائب في 2006، قبل تدرجه في مناصبه الكثيرة بعد ذلك، من
نائب وزير الأمن بين 2007 و2008، إلى وزارة الداخلية والعدل بين 2008 و2012، قبل فوزه بمنصب الحاكم في ولاية أراغوا.
وفي مقابل الدعم السياسي الذي يُوفره العيصمي يتجاوز الحزب بسهولة الإجراءات والحدود الرسمية، والقنوات المكشوفة، لتنفيذ مشاريعه وتحقيق أهدافه، مقابل أموال طائلة، وحصص في شركات، ومنافع متنوعة يحصل عليها السياسي الفنزويلي، الذي أصبح رجل الحزب الذي لا يُعوض بعد فوزه بواحدة من أغنى الولايات الفنزويلية، أراغوا، التي تُطل مباشرة على الكاراييبي وموانئها المفتوحة في وجه حزب الله، وكارتيلات المخدرات.
وإلى جانب غازي، اعتمد العيصمي في صعوده السياسي، على عبد الله نصر الدين، النائب السابق أيضاً في البرلمان، ورئيس المنظمات العربية الأميركية، التي تعد الغرفة السرية للعمليات المالية للعيصمي، في حين شغل الشقيق الثالث عُدي، منصباً أكثر حيويةً بالنسبة للحزب، ويتمثل في الإشراف على معسكرات تدريب وجمع السلاح الموجه لحزب الله اللبناني الواقع على الساحل المقابل لولاية أراغوا، جزيرة مارغاريتا الشهيرة، بمنتجعاتها السياحية، وأحراشها وغابات الكثيفة ومرتفعاتها أيضاً، إذ لا يقل معدل ارتفاعها عن سطح البحر، 920 متراً، ما يجعلها ملاذاً مثالياً لتنظيمات إرهابية مثل حزب الله.
تقطيع أوصال الوحش
وبعد ضرب الرجل الهام في شبكة حزب الله، طارق العيصمي، تدخل الولايات
المتحدة مرحلة جديدة قوامها تقطيع أوصال الوحش الذي تمدد طيلة سنوات في أميركا اللاتينية على مقربة من حدودها الجنوبية، قصد هدم امبراطورية الحزب التي استغرق إنشاؤها أكثر من ثلاثة عقود، واستثمر فيها أموالاً ضخمة، يبدو أنها ستتبخر بعد قرار مكتب مراقبة أملاك الأجانب داخل الولايات المتحدة، بما أن مصيرها سيكون المصادرة أو التجميد في أفضل الأحوال، في انتظار إلحاق أضرار جديدة بالحزب وبالأطراف المتعاملة معه.