لا يتكرر الأمر كثيرًا في الغالب، بأن يقوم رئيس دولة ما بزيارة خارجية لبلد آخر مرتين خلال فترة ولايته خصوصًا أذا كانت ولاية قصيرة لمدة 4 اعوام، وفي
العراق لم يكن يتكرر هذا الامر كثيرًا سوى مع أيران بفعل العلاقة الاستثنائية والملفات المشتركة الكثيرة بين البلدين، ليس ابتداءً من الامن والتأثير ولا انتهاءً بالطاقة.
سوريا الجديدة وتطورات الشرق الاوسط تفرض لتركيا اهمية جديدة بالمنطقة
لكن يبدو أن
تركيا التي أصبح لها وزنها ونفوذها اللافت في المنطقة بعد سقوط الاسد وحضورها الواسع في سوريا الجديدة، تتجه لأن تكون على خطى
إيران بالنسبة للمنطقة والعراق.
السوداني الى انقرة واردوغان الى بغداد مجددا.. زيارتان في ولاية واحدة
لذلك، ليس من المستغرب ان يستعد
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لإجراء زيارة الى تركيا خلال ايام، هي الثانية بغضون 5 أشهر، والثانية في عمر ولايته الحكومية، بل ان المعلومات تقول أن ليس السوداني لوحده، بل الرئيس التركي رجب اردوغان، سيزور هو الاخر العراق خلال النصف الاول من العام الحالي، لتكون زيارته هي الثانية الى العراق خلال فترة ولاية السوداني بعد زيارته الاولى الى العراق في نيسان 2024، والتي كانت هي الاولى للعراق بعد انقطاع دام اكثر من 10 سنوات.
للضرورة الاقليمية احكام.. مستجدات تستدعي "زيارات رئاسية"
زيارتان لكل من السوداني الى تركيا، واردوغان الى العراق خلال فترة زمنية لاتتجاوز العام، ربما تعد امراً مستغرباً، فما الذي يستجد بين البلدين خلال اقل من على ليحتاج الى زيارات اضافية متبادلة على مستوى الرؤساء؟.. لكن يبدو أن للضرورات الاقليمية والدولية أحكام.
تجارة بـ20 مليار دولار ونفط كردستان المعلق والمياه.. اهتمامات مشتركة
يمتلك العراق وتركيا الكثير من الملفات المشتركة شديدة الأهمية.. على مستوى الامن والاقتصاد والمياه.. فالبلدان يشتركان بتجارة سنوية تبلغ 20 مليار دولار.. فضلًا عن ملف تصدير نفط كردستان الذي يبدو أنه تجاوز اي تفاهمات بين بغداد وانقرة.. فالمشكلة الان تتركز بين بغداد والشركات الاجنبية العاملة في الاقليم.
ملف حزب العمال يتراجع خطوة بعد خطاب اوجلان
بالاضافة الى ذلك، كان ملف الامن وحزب
العمال الكردستاني هو الملف الابرز في الزيارات والمباحثات بين بغداد وانقرة.. لكن بعد الخطاب التاريخي لاوجلان والدعوة لانهاء العمليات العسكرية لحزب العمال الكردستاني والقاء السلاح.. اصبح هذا الملف في الدرجة الثانية بعد الان.
الوضع الاقليمي يقفز على قمة الملفات المشتركة بين العراق وتركيا
اما الان، فلا شيء يتصدر الاهتمام ربما غير الوضع الاقليمي وسوريا على وجه التحديد، خصوصًا مع توغل الكيان الاسرائيلي في الاراضي السورية والتضييق على القواعد التي تنوي القوات التركية التواجد فيها داخل سوريا.
سوريا تفرض نفسها في اوراق بغداد وانقرة بشأن طريق التنمية
وبصفتها صاحبة النفوذ الاقوى في سوريا الان، يبدو ان اية مباحثات تجريها تركيا مع العراق ستكون سوريا على رأسها، وليس بعيدًا عن هذه المساحة.. لا يمكن تجاهل ما تحدث به الجانب التركي عن زيارة السوداني الى تركيا وزيارة اردوغان الى العراق خلال الايام والاسابيع المقبلة والتي يقول الجانب التركي انها تتعلق بطريق التنمية.
هل تدمج سوريا في طريق التنمية العراقي؟
بالرغم من ان الاهتمام التركي بطريق التنمية ليس وليد اليوم، فمنذ بداية طرح المشروع من قبل حكومة السوداني وطريق التنمية يحظى باهتمام وتصريحات الجانب التركي باستمرار في مختلف المحافل، لكن اذا ما وضعنا حديث الجانب التركي عن ان الزيارات المرتقبة ترتبط بطريق التنمية، في سياق حديث موازٍ عن مشروع ربط سككي بين تركيا وسوريا.. تطرح تساؤلات عما اذا كانت المباحثات التركية العراقية ستتضمن دمج سوريا الجديدة في طريق التنمية العراقي ايضًا.
المياه اكثر ما يشغل بغداد.. الممنوح للعراق بدجلة نصف ما يمنح لسوريا بالفرات
هذا فيما يخص الجانب التركي.. اما فيما يتعلق بالجانب العراقي، فملف المياه حاليًا هو اكثر ما يشغل
الحكومة العراقية حاليًا مع تصاعد مؤشرات الجفاف المبكر في جنوب البلاد رغم عدم اشتداد سخونة الاجواء بعد.. خصوصًا مع تراجع الاطلاقات المائية في نهر دجلة لمستويات اقل مما كانت عليه في العامين الماضيين.. فطوال الفترات الماضية كانت ايرادات دجلة من تركيا الى العراق يعادل ضعف ما يرد من سوريا الى نهر
الفرات.. لكن الامر انعكس الان.. فايرادات دجلة لاتتجاوز الـ250 متر مكعب في الثانية، مقابل اكثر من 400 متر مكعب بالثانية تأتي من سوريا باتجاه الفرات..
اهمية انقرة لبغداد.. تركيا والتحالف الرباعي مع العراق وسوريا والاردن لمحاربة داعش
وبين المياه وطريق التنمية، لا يمكن تجاوز التكتل الرباعي المشترك لبلدان جوار سوريا، والذي انبثق في مؤتمر عمّان.. ليضم كلا من العراق وسوريا وتركيا والاردن والذي يهدف للتنسيق المشترك لمحاربة ومنع عودة نشاط داعش في سوريا.
26 مذكرة تفاهم تنتظر التفعيل.. تعاون في الصحة والامن والتجارة والاستثمار
بالإضافة الى ما تقدم، فإن 26 مذكرة تفاهم تم توقيعها بين العراق وتركيا خلال زيارة اردوغان الى العراق العام الماضي، تنتظر التفعيل ربما خلال الزيارات المرتقبة، خصوصًا وان مذكرات التفاهم هذه يمكن وصفها بأنها شاملة ولم تترك قطاعا الا وتطرقت له، على رأسها إتفاق الإطار الإستراتيجي بين العراق وتركيا، واتفاق اطاري في مجال المياه، وطرق التنمية، وتشكيل لجنة اقتصادية مشتركة، فضلا عن حماية الاستثمارات والتعاون الفني والتدريب العسكري، والصحة والتصنيع
الحربي، فضلا عن مذكرات في مجال الصحة والرياضة والزراعة والتكنولوجيا والمجال التربوي والسياحي والضمان الاجتماعي، والشؤون الدينية والكهرباء.
الكهرباء ازمة متوقعة في العراق.. ملف اضافي مهم على اجندة بغداد وانقرة
وعلى ذكر الكهرباء، يبرز ملف الكهرباء كواحد من ابرز التحديات المقبلة للعراق في الصيف المقبل خصوصا مع انهاء استثناء العراق لاستيراد الكهرباء من
ايران البالغة اكثر من الف ميغا واط، بالإضافة الى مخاوف من إيقاف استيراد الغاز الإيراني أيضا، لذلك.
العراق ينتظر مضاعفة طاقة الربط مع تركيا الى 600 ميغاواط
لذلك، يبدو أن ملف الكهرباء ومضاعفة طاقة الربط الكهربائي بين العراق وتركيا من 300 ميغا واط حاليا، الى 600 ميغا واط، هو احد اهم الملفات التي قد تشهدها زيارة السوداني الى تركيا.
هذا التقرير من ضمن برنامج "حصاد
السومرية" من تقديم ورود الموزاني وإعداد غرفة أخبار "السومرية"، يُعرض كلّ جمعة السّاعة 8:30 مساءً. لمشاهدة
الحلقة كاملة، انقر
هنا.