وارتفعت موجودات البنك المركزي العراقي الى 207 ترليون دينار عراقي، وذلك بحسب إحصائية اقتصادية جديدة أطلعت عليها السومرية نيوز.
وبحسب رئيس مؤسسة عراق المستقبل للبحوث والاستشارة الاقتصادية منار العبيدي، فانه يجب معرفة الية تكوين هذه الموجودات، حيث ان اول عملية يقوم بها البنك المركزي
العراقي هو اصدار العملة النقدية والتي عادة ما يقوم بيعها الى مختلف الجهات الحكومية والخاصة "ان وجدت".
وأضاف العبيدي ان "المشتري الاكبر للعملة النقدية المصدرة هي الحكومة العراقية التي تحتاج للكتلة النقدية المحلية نتيجة معضلة كبيرة لم تستطع حلها على امتداد سنوات وهي ان معظم ايرادات
الدولة هي بالدولار الامريكي نتيجة اعتماد ايرادات
الدولة على النفط بينما اغلب نفقات
الدولة هي بالدينار العراقي".
ولذلك يشتري البنك المركزي العملة الاجنبية من الحكومة العراقية ويحولها الى موجودات مقابل اعطاء العملة النقدية المصدرة الى الحكومة العراقية لإنفاقها حسب الابواب الموضوعة في الموازنة، بحسب العبيدي الذي أكد ان هذه الاموال من العملة النقدية الاجنبية يقوم البنك المركزي بإعادة بيعها عبر البنوك للتعاملات التجارية الخارجية ولاستحصال الدينار من البنوك.
وبين العبيدي، انه في حالة وجود فائض من العملة الاجنبية لدى البنك المركزي يقوم باستثمارها بشكل يضمن، اولاً عدم وجود اي نوع من المخاطر وثانيا استثمارها بمؤسسات توفر أكبر قدر من الفوائد والعوائد.
لذلك لا يمكن للبنك المركزي بحسب سياسته الموضوعة ان يقوم باستثمار هذه الاموال الا في جهات ومؤسسات دولية مضمونة او يقوم باستثمارها بالمعادن الثمينة والمستقرة وتحديدا الذهب كونه أصل كل العملات النقدية هو الذهب، وفقا للعبيدي.
تقسيم موجودات البنك حسب اماكن استثمارها يمثل قوة البنك المركزي وبالتالي قوة العملة النقدية المصدرة، بحسب العبيدي الذي كشف انه لا يمكن بأي حال وضع جميع الاموال في سلة واحدة كشراء الذهب على الرغم من ان شراء الذهب هو الاحتياطي الاكثر امانا الا ان تذبذب اسعار الذهب امام
الدولار قد يؤدي الى عدم خلق فائدة كبيرة من الاستثمار لذلك يلجئ البنك الى توزيع موجوداته بي -احتياطي ذهب وودائع لدى بنوك اجنبية ذات تصنيف ائتماني عالي جدا وودائع ى بنوك مركزية اجنبية لدول ذات تصنيف ائتماني عالي جدا وسندات واوراق مالية، وودائع لدى المؤسسات مالية مختلفة.
وأوضح العبيدي ان "أكثر اقسام موجودات البنك خطورة حاليا من ناحية عدم الاسترداد هو التزامات وزارة المالية البالغة 44 ترليون دينار، ففي السنوات السابقة ونتيجة لضعف ايرادات
الدولة من النفط لانخفاض اسعاره وارتفاع فاتورة النفقات الحكومية اضطرت الحكومة العراقية الاقتراض من البنك المركزي
العراقي لتغطية نفقاتها ومع تحسن اسعار النفط وزيادة ايرادات الحكومة لم تقم الحكومة بتخفيض التزاماتها امام البنك المركزي وفي حالة عودة انخفاض اسعار النفط قد يكون من الصعب جدا ارجاع هذه الأموال"، مشيرا الى ان باقي الاستثمارات الاخرى من سندات وودائع لدى بنوك اجنبية فهي الاكثر امانا ولا توجد اي مخاطر كبيرة "اقتصاديا".
قد تنتج المخاطر من خلال وجود ظرف سياسي طارئ يجعل البنوك المركزية للدول التي توجد فيها هذه الاموال والودائع بالتحفظ وتجميد هذه الاحتياطيات كما حدث للعراق في التسعينات وايضا ما حدث لإيران وروسيا، حسبما يرى العبيدي، ويضيف ان الحفاظ على مكونات البنك المركزي والتي تشمل جزء كبير منها احتياطاته تعتمد على الموقف السياسي للدولة والتعامل السياسي للدولة قبل ان يكون اقتصاديا.
ورداً على السؤال الذي دائما يطرح لماذا لا يقوم البنك المركزي
العراقي باستثمار موجوداته في مؤسسات خارج الهيمنة الامريكية كالمؤسسات الصينية او الاسيوية، أوضح العبيدي ان الجواب كما ذكرت تعتمد على القوة الائتمانية لهذه المؤسسات والدول، كما ان هنالك بعض الاستثمارات في مؤسسات مالية في سنغافورة وماليزيا والصين ولكن لا يمكن وضع كل الاستثمارات وسحبها من البنوك الغربية لما لها من أثر على العلاقات العراقية الغربية.
وقال العبيدي انه "ليست المشكلة في كيفية توزيع الاستثمارات ومحاولة سحبها من البنوك الغربية، المشكلة هي الهيمنة الامريكية على العالم والتي تجعل
دولة الاولى اقتصاديا وهي الصين تستثمر أكثر من 800 مليار دولار في سندات الخزينة الامريكية وتعتبر المستحوذ الثاني على هذه السندات بعد اليابان على الرغم من كل الصراع الاقتصادي ولا تستطيع الخروط كليا من هيمنة
الدولار الأمريكي"، مردفا، "متى ما استطاعت دول كبرى وعملاقة التخلص من الهيمنة الامريكية عندها لنفكر بالتخلص نحن ايضا من هذه الهيمنة ان تعارضت مع مصالح العراق".
وذكر ان "مطالبة
العراق الهش سياسيا واقتصاديا وامنيا لوحدة بالانسلاخ من الهيمنة الامريكية وهيمنة
الدولار دون وجود توجه عالمي لخلق قطب اقتصادي اخر فهو نوع من انواع الانتحار الاقتصادي والسياسي حاليا، لذا لننتظر ماذا سيسفر عنه BRICS كونه المبادرة الوحيدة اليوم لإيجاد بديل عن
الدولار وهل ستستطيع هذه
الدول من الانسلاخ من هيمنة
الدولار وعندها يمكن وضع توجه واستراتيجية للعراق لتوزيع استثماراته بين مختلف
الدول وهل فعلاً من مصلحة
العراق الانسلاخ عن
الدولار الأمريكي؟".