ولأن
الخبر تزامن مع انتشار هائل لـ"أوميكرون" في فرنسا، قدره وزير
الصحة الفرنسي أوليفيه فيران، بنصف مليون إصابة فعلية يوميا، فإن
الخبر استرعى انتباها كبيرا، وربما أحدث رعبا لدى
البعض لدرجة أن هناك من وصفه بالخطير وحذر منه.
ونشر
الخبر بداية كتغريدة للمعهد الطبي الجامعي في مارسيليا للأمراض المعدية، جاء فيها أن "المعهد الطبي الجامعي المتوسطي للأمراض المعدية رصد متحورا جديدا لـ(كوفيد 19)، وذلك في
مدينة فوركالكييه (جنوبي فرنسا) وتم إعطاؤه اسم: B.1640.2".
ونشرت هذه التغريدة في حساب المعهد الفرنسي، في التاسع من ديسمبر الماضي.
وقبل يومين، أعادت الباحثة هيلين بانون نشر
الخبر على حسابها على "تويتر"، لكن مع بعض "التشويق" الإضافي، إذ أرفقته ببحث علمي وبجملة تقول: إليكم بعض تفاصيل بنية البروتين الشوكي للمتحور الجديد.
ومن المعروف أن هذا البروتين الشوكي المعروف بـ"سبايك"، هو الذي يمنح فيروسات
كورونا شكلها التاجي الذي يعطيها اسمها "كورونا" فهو الذي يشكل النتوءات الشوكية على سطح الفيروس، وهو المسؤول عن تنفيذ ارتباط الفيروس بالخلايا البشرية.
وبما أن الدراسة المرفقة منشورة في مجلة علمية هي "مدريكسيف" فقد أوحى ذلك بأنها مثبتة علميا.
ويركز البحث على 46 طفرة في الفيروس، وقد أطلق الباحثون على هذا المتحور B.1640.2، علما أنه ناتج عن تحور آخر أعطي له الاسم B.1640، وهو مرصود من قبل وزارة
الصحة الفرنسية في سبتمبر 2021.
لكن المتحور الجديد B.1640.2 رصد في نوفمبر 2021 في 12 مصابا، جميعهم يقيمون في منطقة "بروفانس- آلب- كوت دازور" جنوبي فرنسا، وعدد الإصابات يعد قليلا حتى الآن.
ويعتقد أن "المصاب صفر" شخص بالغ حاصل على التطعيم، وصل فرنسا قادما من الكاميرون، وأعراض الإصابة التي بدت عليه تنفسية بالأساس.
الباحثة هيلين بانون، وهي عضو في المجلس العلمي المستقل، أوضحت في تغريدتها أن هذه الملاحظات لا زالت في مرحلة أولية.
أما الملاحظة الثانية فهي أن من كتب هذه "الملاحظات الأولية" عن الفيروس مجموعة أطباء وباحثين في علم المناعة من بينهم الطبيب الفرنسي المثير للجدل ديديه راؤولت، الذي اختفى اسمه من الإعلام بعد رفع دعوى قضائية ضده تتعلق بما نشره من معلومات مغلوطة حول دواء "كلوروكين".
ولأجل التحقق من خطورة هذا "المتحور" الجديد المسمى : B.1640.2.، تم التواصل مع منظمة
الصحة العالمية.
وأوضحت الناطقة باسم المنظمة فضيلة شايب، أن هذا المتحور مصنف من قبل منظمة
الصحة على أنه "تحت المراقبة" أي أنه لا يثير القلق حتى الآن.
وأضافت شايب بحسب "سكاي نيوز عربية"، أن المنظمة تنشر دوريا قائمة للمتحورات التي تثير القلق، ومن بينها "أوميكرون"، وأكدت أن المنظمة تراقب تطورات بنية عشرات المتحورات لمرض "كوفيد 19"، وتدرس أيضا تأثيراتها على الجسم وانتقالها من جسم لآخر.
وتحدد منظمة
الصحة العالمية عدة نقاط لتصنيف الفيروسات، أولاها الخطورة على الجسم المصاب، وثانيها سرعة العدوى، بينما تتمثل ثالث نقطة في قدرة المتحور على مقاومة اللقاحات والأدوية، والرابعة عدم القدرة على كشف الإصابة.
ويرى الباحث المختص في علم الأوبئة في فرنسا رياض عربي درقاوي، أن المتحور الجديد الذي يتحدث عنه مركز الأبحاث في مارسيليا يضم الطفرة التي كانت في المتحور "ألفا" في بريطانيا، كما أن به طفرة في موقع آخر ظهرت في متحور جنوب إفريقيا.
ولفت درقاوي، إلى أن البحث المشار إليه ليس بحثا علميا محكما (أي أنه لم يخضع لتحكيم علماء آخرين تأكدوا من صحته)، بل هو مجموعة ملاحظات أولية عن المتحور المرصود، لكنه ليس مؤشرا على خطورته.
وقالت الطبيبة الفرنسية كاترين هيل المختصة في علم الأوبئة، إن مئات المتحورات رصدها العلماء منذ ظهور الفيروسات التاجية (كورونا)، لأن التحور تأقلم يقوم به الفيروس ليضمن لنفسه بقاء أطول، لكن الطفرة تضمر وتضمحل وحدها مع الزمن في حال لم تكن سريعة الانتشار.
وتتعاون منظمة
الصحة مع شبكة شركاء في كل دول العالم يبلغونها برصد متحورات جديدة، فتدرس سلسلة الشيفرة الوراثية وتعطيها تصنيفات، أقلها خطورة هي المتحورات التي توضع تحت المراقبة، أما أكثرها خطورة فتسجل على لوائح عالمية مثل "أوميكرون" و"دلتا"، وهي مرفقة بتحذيرات من منظمة
الصحة.
أما تسمية الفيروسات فمأخوذة من الأحرف في الأبجدية اليونانية الإغريقية، لذلك أطلق اسم "ألفا" على المتحور الذي رصد في بريطانيا في سبتمبر 2020، واسم "بيتا" على المتحور الذي انتشر في جنوب إفريقيا في مايو 2020، وهناك متحوران يشغلان منظمة
الصحة وتتم مراقبتهما عن كثب هما "لامبدا" الذي رصد في بيرو في ديسمبر 2020، ومتحور "مو" في كولومبيا في يناير 2021.