كان البرنامج الحكومي يتضمن اخضاع الوزراء البالغ عددهم 22 وزيرا الى تقييم يمتد لـ 6 أشهر، وبعد ذلك سيكون رئيس الحكومة مخولًا بتغيير الوزير، حيث ان هذه الـ6 أشهر محسوبة من عمر الحكومة البالغ 3 سنوات، فالدورة الحكومية والبرلمانية الحالية
فقدت عاما من عمرها بعد
الانتخابات أواخر 2021 نتيجة الانسداد
السياسي.
لكن الخلاف حول من أين يبدأ احتساب موعد التقييم البالغ 6 أشهر للوزراء؟.. فالوزراء تسلموا مناصبهم في تشرين الثاني 2022، ما يعني ان شهر
نيسان 2023 هو موعد انتهاء الـ6 أشهر للوزراء، وفي ذلك الشهر خرج
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤكدًا ان التغيير الوزاري ماضٍ ولن يجامل أي زعيم أو حزب بالتعديل الوزاري، بل قال في نبرة تحدٍ: "من يريد أن يرفض فليرفض".
لكن الأشهر مضت ولم يظهر التغير الوزاري الا في عناوين الاخبار والصحف التي تتساءل عن موعده، فيما تم تبرير هذا التأخير بأن فترة الوزراء البالغة 6 أشهر من غير المنصف ان تحسب من تاريخ استلام المناصب لأن الموازنة كانت لم تقر بعد، ولا يمكن تقييم الاعمال دون موازنة.
لذلك، وبعد إقرار الموازنة في منتصف 2023، تم تصفير مهلة الوزراء، وبدأ احتساب فترة التقييم ابتداء من تموز 2023، ما يعني أن فترة الـ6 اشهر ستنتهي مع العام 2023، ومع حلول 2024 يكون من المفترض ان يكون التقييم قد انتهى ويجب اتخاذ قرار التغيير الوزاري.
ازمة رئاسة
البرلمان "عارض جانبي" يوقف العد التنازلي لتغيير الوزراء
لكن في منتصف تشرين الثاني 2023، أي قبل اكثر من شهر على انتهاء مهلة الوزراء، اصبح
البرلمان بلا رئيس، بعد انهاء عضوية الرئيس السابق محمد الحلبوسي، ودخل
البرلمان بأزمة سياسية كبيرة دامت عاما كاملا في عملية كانت توصف بأنها "مقصودة" لعدم حسم منصب رئيس
البرلمان.
تسببت ازمة خلو كرسي رئاسة
البرلمان من رئيس اصيل، بترحيل فكرة التغيير الوزاري، وفي أيلول 2024، أي بعد 9 اشهر على انتهاء مهلة الوزراء، رهن
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اجراء التعديل الوزاري بانتخاب رئيس جديد للبرلمان، وفي أواخر تشرين الأول، تم بالفعل انتخاب محمود المشهداني رئيس للبرلمان وتحقق أهم شرط لاجراء التعديل الوزاري.
خلال هذه الفترة، مر عامان على عمر الحكومة ولم يتبق لها سوى عام واحد، وكانت جميع المبررات طوال هذه الفترة بعدم اجراء التغيير الوزاري بالرغم من تشخيص إخفاقات في بعض الوزارات، بل ان السوداني بنفسه اعترف بان بعض الوزراء يجب تغييرهم، مع معلومات بان عددهم يبلغ 6 وزراء، لكن أزمة تأخر الموازنة وتأخر رئيس
البرلمان جاءت بصالح القوى السياسية التي ترفض التغيير.
لكن بعد انتخاب رئيس
البرلمان وتحقق الشرط الموضوع لاجراء التغيير الوزاري، تكشفت الأوراق، ليعلن السوداني في كلمته امام
البرلمان والشعب عمومًا ان معرقلات سياسية غير قابلة للتطبيق كانت وراء اجراء التغيير الوزاري، حيث أشار السوداني الى ان بعض القوى السياسية ارادت تغيير وزراء اخرين من كتلهم السياسية غير الوزير المطلوب تغييره وتمسكوا بالوزير المخفق..
بالمقابل، رفضت قوى سياسية أخرى أساسا اجراء تغيير لوزرائها، اما السوداني فيرفض إبقاء الوزارات خالية، ويريد الوصول الى اتفاق شامل للكتل السياسية قبل اخلاء أي وزارة من وزيرها المخفق، لكن مع اقتراب انتهاء عمر الحكومة، اصبح التغيير الوزاري أسطورة دفنت الى الابد