لكن بعيدًا عن الظاهر، والدخول في عمق التفاصيل والكواليس، تتكشف فظائع كبيرة وخطيرة عن حقيقة ما يحدث داخل المصفى وفقا لما كشفه مصدر مطلع وقريب مما يحدث.
وأوجز
المصدر في حديث للسومرية نيوز، ما يحدث داخل المصفى وما فيه من مشاكل وعيوب فنية تتجاوز الـ60 عيبًا، غير ان المشكلة لاتقتصر على وجود عيوب فنية فقط، بل شبهات فساد وهدر مال عام وتواطؤ من قبل
إدارة المصفى او شركة نفط الوسط مع
الشركة الكورية المنشئة للمصفى، من قبيل توقيع استلام المصفى قبل ان تنجز
الشركة اعمالها مما يجعلها "سليمة من ناحية الغرامات التأخيرية" وكذلك غير مسؤولة عن المشاكل التي ستظهر فيما بعد، بالإضافة الى تسليمها أموالها كاملة خلافا للعقد الذي يوجب الإبقاء على جزء من المبلغ كامانات ضريبية.
*تخسف ومبادلات حرارية متهشمة ومواد رديئة*
ويقول
المصدر للسومرية نيوز، ان المصفى يحتوي على تشققات في الأساسات الكونكريتية وأرضيات بعض الوحدات الانتاجية وحصول تخسف في اساسات أحد خزانات النفط الخام وتمت معالجتها بصورة وقتية، وسبق ان حصلت تشققات كبيرة في اساس احدى المبادلات في وحدة توليد الكهرباء وكذلك تشقق كبير في اساس احد خزانات النفط الاسود اثناء التشغيل التجريبي، وكل ذلك بسبب اخطاء تصميمية في حسابات التمدد الحراري للمعدات وشبكات الانابيب وهذا عيب تصميمي خطير جداً، ويؤدي الى تسرب النفط والمنتوجات وحتى حصول حريق.
ومن المشاكل الأخرى، ان الشبكة المائية الخاصة بمنظومة الإطفاء تعاني من فقدان مستمر وتسريبات لكميات كبيرة من المياه تحت الارض في مفاصل عديدة من الشبكة، مما قد يسبب تخسفات في الطرق والابنية مستقبلا، كما ان التسرب يفقد الشبكة ضغطها الذي يجعلها تنطلق فور حدوث حريق، وهذا يعني ان عملية الإطفاء ستكون فاشلة بسبب التسرب وفقدان الضغط.
وبحسب المصدر، فإن الكثير من المعدات التي تم نصبها في المصفى غير مطابقة للمواصفات الأساسية، مثل مضخات المواد الكيميائية التي عانت من تهشم كامل لا جزاءها الداخلية نتيجة تصنيعها من مواد غير مطابقة للمواصفات، فضلا عن المعدات الثابتة مثل المبادلات الحرارية المتأكلة، وبالرغم من ان وزارة النفط اوصت باستبدال المبادلات جميعها البالغة 370، الا انه لم تنفذ تعليمات الوزارة حتى الان.
*تلوث وتوقف.. المصفى يعمل بطاقة 65% فقط*
ويشير
المصدر الى ان المصفى توقف عدة مرات خلال سنة الضمان نتيجة تلوث منتجات وحدة التكرير بفعل حصول تسريب في المبادلات الحرارية، مبينا ان المصفى يعمل حاليا بطاقة 65% فقط منذ عدة اشهر بسبب تسرب في المبادلات ولم يتم العمل على صيانتها لحد الان، بالرغم من انه من المفترض ان يعمل المصفى بطاقة 100% لكن في الستة اشهر الاولى من 2024 كان معدل انتاج البانزين المحسن والسوبر 5 ملايين لتر يومياً وحسب التصميم يجب ان ينتج اكثر من 8 مليون لتر يومياً، وهذا مايعني خسارة مالية خلال 6 اشهر تبلغ أكثر من 500 مليار دينار لمنتوج البانزين فقط ما عدا المنتوجات الأخرى، فضلا عن وجود نقص في انتاج الغاز السائل بنسبة 40% ونقص في انتاج النفط الابيض .
*اطلاق مستحقات الشركة الكورية "على معدات معيوبة"*
ويبين أن "العيوب الجوهرية لاتزال بدون خطة تصليح، كما ان مبلغ التأمينات النهائية لحسن الاداء المحجوزة البالغة 2.5% لا تكفي لعمليات تصليح العيوب الكثيرة جداً، وتحتاج فترة تصليح العيواب إيقاف المصفى حوالي 4 الى 6 اشهر، مما سيؤدي الى خسائر كبيرة بالاموال.
ويشير الى انه تم اطلاق مستحقات الشركات الكورية المقاولة واطلاق التأمينات الأولية بالرغم من وجود اعمال معيوبة وجميع تقارير الاستشاري قبل الاستلام الاولي تؤكد ان هناك عيوب جوهرية وصل عددها الى 68 عيبا، كما لا يوجد اي سند قانوني ولا تعليمات حكومية تسمح باستلام معدات جديدة معيوبة ضمن مشروع جديد بكلفة 7 مليار دولار.
ويوضح انه "لا يوجد سند قانوني ولا تعليمات حكومية تسمح باطلاق التأمينات الاولية لمشروع فيه عيوب جوهرية تبلغ 68 عيبا، ظهرت في التشغيل التجريبي، ومثبتة في تقارير
الشركة الاستشارية التي اوصت بعدم استلام المشروع لحين تبديل المعدات المعيوبة لكن شركة نفط الوسط وإدارة
مصفى كربلاء تجاهلت هذه التوصية واستلمت المشروع المعيوب واصدار شهادة انجاز لمشروع ملئ بالعيوب .
*من قام بتوقيع الاستلام و"تجاهل" توصية الشركة الاستشارية؟*
ويؤكد ان بدء تشغيل المصفى يتطلب توقيع شهادة الانجاز الميكانيكي من قبل رب العمل (شركة مصافي الوسط)، وهي شهادة تتضمن الاعتراف بشكل واضح بجاهزية وسلامة المصفى للتشغيل الأمن حسب الطاقة التصميمية وحسب العقد والواقع ان المصفى ملئ بالعيوب ولا يعمل بالطاقة التصميمية"، متسائلا: "لماذا تم توقيع شهادة الانجاز الميكانيكي بوجود كل هذه العيوب ؟، ومن الذي وقعها؟".
ويشدد على ان "اجراء استلام المصفى من قبل رب العمل واصدار شهادة الانجاز قد اوقف استقطاع الغرامة التأخيرية من المقاول بالرغم من عدم اكمال المقاول لاعمال المشروع ودليل عدم اكتمال اعمال المشروع هو كثرة العيوب قبل الاستلام وكذلك عدم تشغيل المصفى بالطاقة الكاملة يدل على عدم اكتمال المشروع، وهذا هدر للمال العام"، متسائلا: " هل تم استقطاع الغرامات التاخيرية المترتبة على المقاول؟، حيث لوحظ ان ادارة المشروع قد اطلقت كافة مستحقات المقاول ولا يوجد اشارة للغرامات التاخيرية ".
واعتبر ان عملية التشغيل الحالية منذ 14/12/2023 ولحد الان مخالفة كارثية لتعليمات الدولة ومخالفة للعقد"، معللا ذلك بأن "استلام المصفى قد انهى مسؤولية المقاول عن التأمين وأصبح المصفى والكوادر بدون شهادة تأمين شاملة ضد جميع المخاطر منذ توقيع الاستلام الاولي في 14/12/2003 حيث انتهت مسؤولية الائتلاف الكوري عن التامين عند استلام المصفى من رب العمل ولم يقم رب العمل (شركة مصافي الوسط /
مصفى كربلاء ) لحد الان بإصدار شهادة التأمين الشامل على المصفى بقيمة 7 مليار دولار اسوة بكل المصافي الحكومية المؤمن عليها عند شركة التامين الوطنية العراقية"، متسائلا: "ما مصير العاملين في المصفى الذين اصبحوا بدون تأمين ؟".
*التصفية غير كاملة.. البانزين يرمى مع النفط الأسود*
وأوضح أنه "في الاشهر الماضية تكررت مشكلة تصدير النفط الاسود الخفيف الغالي الثمن المنتج من
مصفى كربلاء حيث لم يستخلص منه كل كمية البانزين وكل كمية النفط الأبيض، وتم بيعه بسعر النفط الاسود الثقيل الاقل ثمناً، حيث ادى وجود فرق في المواصفات للنفط الاسود المنتج من
مصفى كربلاء في عام 2023 اثناء التشغيل التجريبي الى خسارة الدولة مبلغ 14 مليون دولار و تم استرجاعها من قبل هيئة النزاهة وشركة تسويق النفط ، وهذا الفرق نتيجة عدم تشغيل كافة وحدات المصفى ".
وبين أن "تقريرا اعده مستشار رئيس الوزراء حول
مصفى كربلاء تضمن توصية بتشكيل فريق متخصص من دوائر وزارة النفط، للتدقيق والتحقيق في مشاكل وعيوب المصفى ولكن لم تتخذ وزارة النفط اية اجراءات بخصوص الموضوع.
*ماهي العيوب الرئيسية فنيًا؟*
بحسب تقرير
الشركة الاستشارية الفرنسية، فان هناك مجموعة من العيوب الرئيسية المعلنة في معدات
مصفى كربلاء، تضمنت: "تاكل المبادلات الحرارية 372 مبادلة، فشل العزل الحراري في افران 8 وحدات اساسية وظهور بقع حرارية على الهيكل المعدني للافران وخصوصاً فرن وحدة انتاج الهيدروجين، -نضوحات في شبكة الانابيب المائية (الخاصة بالاطفاء) تحت الأرض، تاكل انبوب الستانلس ستيل في وحدة معالجة المياه الخام ووحدة معالجة المياه الملوثة، تسرب في المبادلة الحرارية ( نفط خام / كاز اويل )، خطاً في تصميم انبوب غاز الوقود، خلل في معدات منظومة السيطرة، خلل في صمام رئيسي في الوحدة الرابعة CCR الخاصة بانتاج البانزين، خلل في منظومة انتاج وقود الطائرات، خلل في المشاعل الخاصة بتوربين توليد الكهرباء رقم 2، تشققات في فلنجات انبوب الماء الرئيسي نوع GRV، خلل وحدة التبخير رقم الوحدة 42 وخلل تصميمي في منظومة تبريد كابسة الوحدة.
*تسديد الأموال كاملة للشركة الكورية و"حمايتها" من المخالفات*
ويشير
المصدر الى ان جميع هذه العيوب اساسية وجوهرية ومع ذلك يتم تشغيل المصفى واهمال هذه العيوب وترحيل عملية التصليح بعد اصدار شهادة الاستلام الاولي وهذا هدر وتقصير من قبل ادارة المصفى وادارة المشروع، حيث لا يجوز استلام المصفى استلاماً اولياً بوجود هذه العيوب.
وبين ان ادارة المشروع قد سددت مبالغ مالية اكثر من استحقاق الائتلاف الكوري خلافاً للعقد، فحسب العقد يستحق المقاول 92% من مبلغ العقد عند الاستلام الاولي وتشغيل المصفى بطاقة 140 الف برميل بدون عيوب بشرط انتاج كافة المنتجات مطابقة للمواصفات كماً ونوعاً، على ان تبقى 8% من مبلغ العقد محجوزة كأمانات ضريبية وامانات حسن التنفيذ وتطلق بعد سنة من الاستلام الاولي بشرط تحمل الائتلاف الكوري اصلاح العيوب التصميمية والتنفيذية والمصنعية خلال سنة التشغيل الأولى، لكن ما جرى هو تسديد 94.5% من مبلغ العقد قبل الاستلام الاولي وبوجود هذه العيوب الجوهرية الاساسية المعلنة، حيث تم تسديد 6.275 مليار دولار، من المبلغ الكلي البالغ 6.641 مليار دولار.
*توصيات*
وشدد على ان ادارة المصفى وادارة المشروع وادارة المهندس المقيم وافقوا وصادقوا على شهادة الانجاز الميكانيكي أي جاهزية المصفى للتشغيل، قبل عشرة اشهر بوجود هذه العيوب رسمياً وهذا تقصير واضح من مسؤولي الاقسام والشعب والوحدات".
وبين ان "الائتلاف الكوري يهدد الان بايقاف المصفى لغرض اصلاح العيوب التي سببها هو"، مشددا على انه "يجب تحميل الائتلاف الكوري كلفة التأخير وتحميله كل الغرامات التأخيرية البالغة 10% من مبلغ العقد وتصل الى مبلغ 641 ستمائة وواحد واربعون مليون دولار، كما يجب ايقاف المصفى وتصليحه باسرع وقت، ومعاقبة الادارات الحكومية الحالية للمصفى وتبديلهم، فضلا عن مراجعة كل العقود الجديدة وتعديل اسعارها الى نصف السعر او اقل والزام الكوريين بواجباتهم في العقد الاصلي ( استشاري ، تشغيل ، مواد استهلاكية واحتياطية )".