واعتمدت الحكومة العراقية منذ سنين على الإيرادات النفطية بنسبة تصل الى اكثر من 95% من اجمالي الموازنة، وجاءت الموازنة بإجمالي نفقات مقترحة تبلغ 197.8 تريليون دينار (152.2 مليار دولار) ويبلغ سعر برميل النفط فيها نحو 70 دولارا للبرميل الواحد، وبعجز مالي قدره 63 تريليون دينار (48.5 مليار دولار)، وفق
رئيس الوزراء محمد السوداني الذي أشار إلى أن هذه الميزانية ستُكرر في العامين المقبلين أيضا.
وتضمن قانون الموازنة العامة فرض ضرائب على العديد من المواد المستهلكة لتعزيز الإيرادات غير النفطية وهي مهمة جدا لتقليص العجز، وأيضا أداة لتوجيه الاقتصاد نحو التنويع الاقتصادي على المدى البعيد لتقوية الاقتصاد.
وتشير رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس
النواب العراقي، فيان صبري الى، ان "أي خطوة تجريها الحكومة الاتحادية بشأن تعزيز الإيرادات الاتحادية او التي جاءت بها اللجنة المالية في البرلمان بعد دراسات مستفيضة نحن معها".
وقالت صبري في حديث لـ
السومرية نيوز، انه "نحن كدولة عراقية بحاجة الى تعزيز الإيرادات الأخرى غير النفطية على اعتبار الموازنة العراقية تعتمد وبشكل كامل على النفط لذلك يجب استيفاء الضرائب من الكهرباء والماء والوقود وغيرها"، موضحة انه "عندما يكون للمواطن
العراقي استقرار اقتصادي وبنية اقتصادية حقيقية مثل مداخيل القطاع الخاص والمشاريع الاستثمارية وارتفاعها في الموازنة من المؤكد سيكون هناك مداخيل أخرى للفرد
العراقي بشكل عام".
وأضافت، انه "من الممكن ان نرى الامر بالشكل الإيجابي او السلبي إذا أردنا ولكن في النهاية يجب على الحكومة تعزيز الإيرادات الاتحادية كونها مهمة جدا، ولا يجوز ان يكون الريع والخزينة الاتحادية مبنية فقط على النفط في حال
العراق يمتلك الكثير من الخيرات ويوجد لديه زراعة وصناعة ونستطيع استثمارها".
وتضمنت الموازنة فرض ضرائب جديدة بنسبة 5% على عوائد مبيعات اللتر الواحد من البنزين، وأيضا 10% على زيت الغاز أو الكاز، كما فرضت نسبة 15% على الوقود المستورد، فضلا عن 1% على مبيعات النفط الأسود.
من جهته، قال عضو مجلس
النواب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، شيروان الدوبردان، في حديث لـ
السومرية نيوز، إن "موازنة
العراق وايراداته بحاجة الى تعظيمها بسبب اعتمادها على النفط بنسبة 95% وهذا الامر سلبي جدا على الاقتصاد
العراقي في المستقبل القريب، مشيرا الى ان "وضع مبلغ بسيط جدا لا يتجاوز الـ 70 دينارا على الوقود لا يوجد فيه ضرر على المواطن مع وجود مقترح بإعفاء سيارات الأجرة منه".
وأشار الى، انه "من 3-4 مليار دولار سنويا تصرف من قبل وزارة المالية لدعم استيراد الوقود"، مؤكدا ان "الكهرباء بحاجة أيضا الى وضع جباية حقيقية على اعتبار الى الان لم يتم جباية سوى 7% من الرسوم الفعلية عليها بينما الدوائر الحكومية فقط لو تم اخذ جبايتها بشكل صحيح تصل الى 27% وهذا كله يعتبر هدر في المال العام".
وأضاف، انه "على الحكومة الذهاب بموقف حقيقي لجمع الإيرادات الحقيقية من (الضريبة والكمارك والمنافذ وشركات الاتصال والوقود والكهرباء)، وعلى الوزارات التي تعتمد التمويل الذاتي ان تأخذ رسومها من عملها ولا تعتمد على الحكومة"، لافتا الى ان "أكثر من 10 مليون موظف
عراقي تعتمد الموازنة في رواتبهم على النفط وفي حال حدث هبوط بسعر البرميل لن تستطيع الحكومة تسديدها".
وأوضح الدوبردان، ان "تعديل سلم رواتب الرئاسات الثلاث لا يساوي شيء امام عوائد الضرائب التي ستضعها الحكومة وهناك مراجعة حقيقية للحكومة الاتحادية لجميع مفاصل الدولة لتخفيض النفقات وهناك الكثير من الوزارات بحاجة الى دعم كبير مثل الصحة والتربية والتعليم، وعلينا الابتعاد عن تجييش الشعب
العراقي والذهاب باتجاه التطوير الصناعي والزراعي".
ويرى مراقبون، ان هذه الضرائب ستؤدي إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية ورفع نسبة مساهمتها إلى 13%، لكن سيقابلها ارتفاع في تكلفة نقل الأشخاص والبضائع وارتفاع جديد في أسعار السلع والخدمات سواء المُنتجة محليا أو المستوردة، وقد يؤدي الامر إلى تجاوز نسبة التضخم السنوي المحدد ضمن الموازنة بنسبة 5% والتأثير سلبيا على المستوى المعيشي للمواطنين".
من جانبه، أكد النائب المستقل وعضو اللجنة القانونية، رائد المالكي، ان "المتوقع في بداية الامر هو قيام اللجنة المالية بتقليص نسبة العجز في الموازنة وتقليل الانفاق بطرق أخرى، لكن بعد دراسة بنود الموازنة وجدت اللجنة ان جميع الأبواب التي تساعد على هذا الامر مغلقة"، مشيرا الى ان "ما حصل عبارة عن مناقلة من بعض الفقرات الى أخرى جديدة مستحدثة تم تضمينها في الموازنة".
وقال المالكي لـ
السومرية نيوز، إن "الحكومة أصرت على فرض الضرائب والرسوم على المشتقات النفطية واسناد هذا الامر الى عمل الشركات المنتجة لتلك المشتقات وتوزيعها وايضا شركات المصافي وهذا ما سيكون له أثار سلبية على عمل هذه الشركات وأيضا منتسبيها وقدرتها المالية".
وأضاف، ان "هذا القرار جاء لتقليص نسبة العجز في الموازنة ولكن لا يوجد ضمان حقيقي بعدم وقع الامر على عاتق المواطن في النهاية"، لافتا الى انه "في حال إذا تم فرض ضرائب ورسوم على هذه الشركات المنتجة سوف تقل إيراداتها وتعمل على زيادة أسعار المنتجات التي تقوم ببيعها الى السوق المحلية حتى وان لم يقر ذلك في الموازنة على اعتبار تحديد أسعار المنتوجات النفطية غير خاضع لقوانين الموازنة وانما للمعايير التجارية".
واختتم المالكي حديثه، بأن "القرار فيه تعظيم لإيرادات الدولة لكن يجب معرفة كل النتائج التي سيتسبب بها على المواطن والاقتصاد وايضا المؤسسات نفسها".