لم تلقَ التجاوزات السيادية أي ردع يجعل البلدان المنتهكة تقف عند حدودها، لذلك دائماً ما نرى أن هناك توسعاً في التجاوزات على السيادة الوطنية العراقية، في وقتٍ تتزايد فيه المطالبات بقوة الردع ووضع حد لعمليات المساس بهيبة البلاد.
*اتفاقية "مُذلة"
يقول عضو
مجلس النواب، عامر عبد الجبار، إن "العراق يتعرض لخروقات منذ 2003 ولغاية الآن، جواً من قبل تركيا وإيران وأمريكا، وبراً على صعيد الإرهاب مثل تنظيم داعش، وبحراً من قبل الكويت وإيران، لكن تلك الخروقات لم تلقَ رداً مناسباً عدا الحرب على داعش".
ويشير عبد الجبار، في حديث لـ السومرية، إلى أنه "منذ 2012 وقع
العراق اتفاقية مذلة مع الكويت وهي اتفاقية خور عبدالله، وحذرنا منها باعتبارها ترسيم ما بعد الدعامة 162، لكن البعض اعتبرها تنظيم ملاحة وتبينت الحقائق فيما بعد، حينما بدأت الكويت تتجاوز على
العراق بشكل مستمر".
ويضيف، أنه "في يوم 5 تموز 2022 تم مشاهدة منصة تنقيب
بحرية كويتية في المياه العراقية، تبعد 18 ميلاً بحرياً عن ميناء
البصرة النفطي، و5 أميال عن خور الخفكة، ضمن المنقطة الاقتصادية الخالصة التابعة للعراق، دفعنا ذلك إلى إرسال كتاب في يوم 7 تموز من ذلك العام، إلى وزارتي النفط والخارجية، لكن الأخيرة لم تتخذ أي إجراء".
ويردف: "أرسلنا كتاباً تأكيدياً ثانياً يوم 1 / 9 / 2022، وبينا ان هناك تجاوزاً ثانياً من الكويت ولم يأتِ أي رد مرة أخرى، بعدها ارسلنا كتاباً يوم 23 / 11 / 2022 دون جدوى، ثم رفعنا شكوى الى الادعاء العام على الخارجية"، مستدركاً: "بعدها وردنا كتاب مذكرة رفض واحتجاج من
الخارجية العراقية الى الكويت، وبينت
الخارجية العراقية حينها انها ستبعثها الى الأمم المتحدة".
ونوه عبد الجبار، وهو نائب عن محافظة البصرة، إلى أن "جميع الحكومات المتعاقبة صمتت عن التجاوزات الكويتية والإيرانية.. شاهدنا احتجاجات على التجاوزات التركية في شمال العراق، وعلى التجاوزات الامريكية التي قصفت الحشد الشعبي، ونحن ندعم ذلك، لكن لم نشاهد أي إجراءات تجاه التجاوزات الكويتية والإيرانية في شط العرب وخور عبدالله، وهذا ما نستغربه"، مشدداً على ضرورة أن "لا تكون حكومة
محمد شياع السوداني كسابقاتها".
ووفقا لقرار
مجلس الأمن الدولي رقم 833 لسنة 1993، فقد تم تقسيم خور عبد الله مناصفة بين
العراق والكويت، فالحدود تبدأ من العلامة 107 إلى 110 وتمثل خط الساحل بين الجانبين، أي تكون المياه للعراق واليابسة للكويت، ومن النقطة 111 إلى 134 هو خور شيطانة، وتمثل خط التالوك لمجرى الينابيع العذبة، وبالتالي أصبح المجال البحري للعراق أكبر من مجال الجانب الكويتي، ومن النقطة 134 إلى 162 هو خور عبد الله، ويكون مناصفة بين
العراق والكويت، أي الجزء الشمالي للعراق والجنوبي للكويت، فيما ترك القرار، ما بعد العلامة 162، ولم يرسمها، ورهن تحديدها بمفاوضات بين
العراق والكويت.
وبين عامي 2008- 2010، أعدت
وزارة النقل خطة "المبادلة" مع الكويت لغرض ترسيم الحدود البحرية، وبموجب هذه الاتفاقية، فإن
العراق منح الكويت السيطرة التامة على أغلب المياه، كما جاء في التقرير السابق للصحيفة.
وأواخر العام الماضي، أثيرت قضية إنشاء الكويت جزراً اصطناعية بغية تقريب حدودها والسيطرة على مدخل خور عبدالله، وهو ما لم يتحرك بشأنه
العراق دولياً، بل قدمت الكويت حدودها الجديدة للأمم المتحدة لغرض إقرارها.
وكان وزير
الخارجية الكويتي،
سالم العبد الله، كشف في شباط/فبراير الماضي، عن انطلاق جولة مباحثات عراقية كويتية، لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، ومن المفترض أنها بدأت حسب إعلانه في حينها، لكن لم يتم الكشف عن أي تطورات أو بيان من
العراق.
يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زار الكويت قبل أكثر من أربعة أشهر، وبحث هناك خلال زيارته التي استمرت لساعات عدة، التعاون بين البلدين وسبل تطوير العلاقات، دون التطرق لملف الحدود حسب البيانات الرسمية.
*خطوات استراتيجية
وبشكل عام فإن الاعتداءات
الخارجية على العراق، سببها ضعف القيادة السياسية، والحكومات المتعاقبة التي لم تتخذ قراراً واحداً يستطيع أن يحمي الإرادة الوطنية، كما يرى المحلل السياسي علي عبد الرزاق.
ويمضي عبد الرزاق، في حديث لـ السومرية نيوز، قائلاً إنه "لابد من اتخاذ خطوات استراتيجية جديدة من قبل الحكومة الحالية برئاسة السوداني لاسيما بعد زياراته العديدة لدول جارة وأخرى عربية وإقليمية".
ويتابع: "أولى تلك الخطوات يتمثل في تشريع منهاج لحماية الوطن من أي تداعيات سياسية يمكن ان تحدث من الدول المجاورة للعراق، لذا لا بد من التفاهم على ان سيادة الوطن لا يمكن الاعتداء عليها، ويجب ان يعرف العدو هذه الحقائق"، مبيناً أن "السكوت يطمع الأعداء والأصدقاء في التمادي بانتهاكاته التي تخل بأمن الوطن وسيادته وبطريقة الحفاظ على حدوده الوطنية".
ويؤكد عبد الرزاق، على ضرورة أن "يكون هناك قراراً سياسياً واضحاً للقيادة والقوى السياسية التي يجب أن تقوي إرادة
مجلس الوزراء في المضي باتخاذ قرارات تعزز الحماية للسيادة الوطنية؛ حتى تقف الدول عن التمادي في استغلال الوضع السياسي العراقي المتشظي".