لم تحتمل نوال السامرائي وزيرة
الدولة لشؤون
المرأة أن تكون شاهدة زور على وضع
المرأة العراقية. تنظر الى واقعها ومآسيها من غير ان تمتلك العدة اللازمة لمعالجة أوضاعها, فآثرت تقديم استقالتها في الخامس من شباط , مطلقة عبر هذه الخطوة احتجاجاً مدوياً , يخرق جدار الصمت, ويضع الاصبع على الجرح.
ولم تتوقع طبيبة الأمراض النسائية, عندما تسلمت مهام وزارة
الدولة لشؤون
المرأة في الثاني والعشرين من تموز2008 , أن يكون المنصب صورياً وشكلياً الى درجة أقل ما يقال فيها انها مثيرة للسخرية. والسبب الأساسي هو عدم امتلاكها السلطة, وحجب الموارد عن الوزارة في مواجهة مهمة شاقة تتعلق بتحسين معيشة عشرات الآلاف من النساء الفقيرات والأرامل والمطلقات بسبب سنوات الحرب. فمن أصل سبعة آلاف وخمسمئة دولار كمخصصات شهرية للوزارة, تقول السامرائي انه تم تخفيض المبلغ الى ألف وخمسمئة دولار, كجزء من سياسة خفض الانفاق الحكومي العام بسبب تراجع أسعار النفط. وفي مجتمع تشكل
المرأة فيه ما لا يقل عن خمسة وستين في المئة من عدد السكان, لا يجوز أن يتم تحجيم وزارة
المرأة وتجريدها من العدة اللازمة لمعالجة مشاكل النساء, لا سيما لجهة معاناتهن من حالات فقدان المعيل اكان بسبب القتل, أو الاعتقال أو الخطف الى غيره من الاسباب التي أفرزتها الحرب ودفعت
المرأة ثمنها مضاعفاً. وزارات أخرى أيضا واجهت تخفيضات حادة ، لكن السامرائي تصر على اعطاء الأولوية للمرأة .
\"وزارة
الدولة لشؤون
المرأة يعني لا تملك امكانيات لا بشرية ولا مادية. وايضا
وزير
الدولة لا يملك صلاحيات حسب قوانين وزارة
الدولة. فوجودي في هذا المنصب لا يعني شيئا. لااستطيع تحقيق شيء من خلال هذا المنصب.
المرأة العراقية يعني تقييمها أكبر من هذا.. أكبر من وزارة
دولة. وضع
المرأة العراقية الآن.. حاجتها الى دعم.. حاجتها الى حماية.. يعني نحتاج الى وزارة سيادية لا ذات حقيبة.\"
وفي معرض انتقادها لقلة اهتمام الحكومة بمحنة النساء في
العراق تقول السامرائي ان الحكومة خصصت لوزارة
الدولة لشؤون
المرأة مكتباً واحداً لعموم
العراق داخل المنطقة الخضراء , .ومع تزايد الاتجاه الديني المحافظ في
العراق تتضاءل فرص المطلقات والأرامل في العمل من أجل الحصول على دخل يعلن به أسرهن. وتريد نوال السامرائي
تحسين أوضاع العراقيات من خلال برامج لإعادة التأهيل والتوعية بحقوق
المرأة وحملات لمحو الأمية.
\"لا زال هناك شوط كبير يقطعه المجتمع
العراقي لتحصل
المرأة على حقوقها. فيه طبعا لدينا سيدات مجتمع عاملات. لدينا
نساء عاملات كفوءات لكن لحد الان
هناك نسبة كبيرة من الاميات في
العراق. هناك نسبة كبيرة من المحتاجات غير المؤهلات للعمل.. غير مثقفات. يعني نحتاج ان نقطع شوط.. كبير.\"
في الأثناء, ومع الأمل في أن تثمر استقالة السامرائي تحريكاً لملف
المرأة العراقية على الصعيدين الحكومي والأهلي, تكافح زهاء 1.5 مليون أرملة من أجل البقاء. فسنوات الحرب رملت العديد من العراقيات اللاتي حرمن من التعليم, فبتن يعشن في يأس ووضع متفاقم حتى داخل أسرهن. وتشير بيانات وزارة
الدولة لشؤون
المرأة إلى أن 300 ألف أرملة يعشن في بغداد وحدها. كما توضح البيانات أن 1.5 مليون من العراقيات مطلقات وزهاء أربعة ملايين أميات لا يعرفن القراء والكتابة. وتكافح العديد من المطلقات والأرامل بمفردهن من إجل إعالة أنفسهن وأسرهن, فيما يتردد بعضهن مثل ابتسام خليل بصفة منتظمة على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في بغداد لطلب مساعدة مالية من الحكومة.
كانت
المرأة المسنة تحصل على المساعدة على مدى نحو عامين لكنها قطعت. واضطرت ابتسام إلى بيع منزلها لدفع فدية مقابل إطلاق سراح ابنيها اللذين خطفا خلال موجة أعمال العنف عام 2006 لتصبح بذلك بدون مأوى أو مال.
\"أنا عندي أولاد اثنين مخطوفين. بعت البيت وأعطيته للخاطفين. أول واحد صاحب بنات وثاني واحد بشهر العاشر خطفوه. والآن عند الناس.. ما عندي مكان. ما عندي مأوى. 50 ألف (دينار
عراقي استلمها ما ل سناء (اسم ابنتها) قطعوها عني وجيت أراجع يعيدوا المعاملة.\"
وفي حين لا يزيد عدد اللواتي يتقاضين مساعدة من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عن اربعة وثمانين ألف ارملة, فإن قيمة المساعدة التي تتراوح بين خمسين ألفاً الى مئة وعشرين ألف دينار شهرياً, ( أي ما بين أربعين الى خمس وثمانين دولار) تكاد لا تسد رمق عائلات لا مورد رزق لها سوى الاعانة الحكومية.
\"اني ارملة. زوجي نقتل بالإرهاب في 2006 وصاحبة اربع اطفال وعندي شريكة همين (ضرتي ايضا) لديها اربع اطفال. ونعاني الراتب كلش قليل .يعني هذاك اليوم ابني يقول لي اريد ازور ابويا بالمقبرة. ما عندي فلوس لاخذه الى هناك .\"
الجدير بالذكر ان
العراق شهد في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي عصراً ذهبياً لحقوق
المرأة بحيث بدا يومها من أكثر
الدول تقدماً في الشرق الأوسط على صعيد حقوق
المرأة.
للمزيد من التفاصيل، شاهد الفيديو الخاص بهذا التقرير