وتعددت وجهات النظر حول هذه الخطوة، بين من يراها ضرورة فرضتها العقوبات الدولية، ومن يعتبرها إخفاقاً مؤسساتياً في دعم النظام المصرفي المحلي.
ونافذة بيع العملة، أو ما يُعرف بـ"مزاد العملة"، هي الآلية التي يستخدمها
البنك المركزي العراقي لبيع الدولار للبنوك والشركات مقابل الدينار العراقي، بهدف تمويل الاستيراد والسيطرة على سعر الصرف.
ولطالما كانت هذه النافذة محوراً للجدل، نظراً لاستخدامها أحياناً كأداة لتهريب العملة أو لغسيل الأموال.
واكد رئيس تحالف المعارضة النيابي النائب
عامر عبد الجبار، ،لـ
السومرية نيوز، أن "استحواذ المصرف
الأهلي الأردني على الحصة الأكبر من نافذة بيع العملة يمثل "باباً جديداً لدعم الاقتصاد الأردني"، في إشارة إلى تحويل مبالغ ضخمة من الدولار إلى مصارف أجنبية بحجج استيرادية غير واضحة.
وأشار
عبد الجبار إلى أن "هذا التغيير في المعادلة المصرفية حدث بسبب سياسات البنك المركزي، حيث ارتفعت مبيعات الدولار اليومية من 85 مليون دولار في عهد المحافظ السابق إلى نحو 300 مليون دولار حالياً، ما يضاعف فرص الاستفادة للمصارف الأجنبية".
وبحسب ما نقل عن الباحث المصرفي مصطفى حنتوش، فإن "البنك المركزي العراقي منح تراخيص للمصرف الأهلي الأردني، والمصرف العربي الأردني، ومصارف خليجية أخرى للعمل في التحويلات المصرفية، في ظل معاقبة غالبية المصارف العراقية من قبل
الخزانة الأمريكية".
وبسبب هذه العقوبات، أصبح من شبه المستحيل على البنوك العراقية إجراء تحويلات مالية أو فتح حسابات في البنوك العالمية مثل سيتي بنك وجي بي
مورغان، الأمر الذي استغلته المصارف الأجنبية لتكون الوسيط المالي الرئيسي.
وبحسب خبراء فأن "التحويلات المالية الكبيرة من
العراق إلى المصارف الأردنية تشكل دعماً مباشراً لاحتياطي العملات الأجنبية في
الأردن، وهو ما يُعد في نظر محللين خسارة مالية وسيادية للعراق".
وتُقدّر أرباح المصارف الأجنبية العاملة في نافذة بيع العملة بنحو 300 مليار دينار سنوياً، وقد تتضاعف مع احتساب العمولات الجانبية.
وهذه الأرباح تُحقق دون تقديم خدمات مصرفية حقيقية للمواطن العراقي.
ويرى الخبراء أن "هذا الاحتكار الأجنبي للحوالات المصرفية يُضعف قدرة المصارف العراقية على المنافسة، ويمنعها من تطوير خدماتها، مما يؤدي إلى مزيد من التدهور في القطاع المالي العراقي".
ويمنح
القانون العراقي المستثمر الأجنبي حصة لا تتجاوز 49%، في حين منحت المصارف الأجنبية حصة 100% بموجب المادة 107 من
قانون المصارف، التي تتيح لمجلس
إدارة البنك المركزي صلاحية تحديد النسبة دون قيد.
وحذر خبراء من "الاحتكار المصرفي الأجنبي، دون رقابة كافية، قد يشجع على أنشطة مالية مشبوهة، كما ان اعتماد العراق على مصارف أجنبية في نافذة بيع العملة يسهل عمليات تهريب الدولار خارج البلاد، وحين تصبح قنوات التحويلات بيد جهات غير عراقية، يُضعف ذلك قدرة الدولة على التحكم بسوق العملة".
وشدد الخبراء على "ضرورة تقليص الاعتماد على المصارف الأجنبية، ودعم البنوك المحلية، مع توفير ضمانات دولية لها، مع تعديل المادة 107 من قانون المصارف لضمان عدم التفريط في السيادة المصرفية وإنشاء آليات رقابة صارمة لضبط الحوالات، ومراقبة العمولات، ومنع التلاعب في أسعار الصرف فضلا عن زيادة الشفافية في منح التراخيص لضمان المنافسة العادلة ومنع الاحتكار".
ويمثل استحواذ المصرف الأهلي على نافذة بيع العملة نموذجاً على فشل السياسات النقدية المتبعة في العراق، يكشف عن هشاشة النظام المصرفي أمام الضغوط الإقليمية والدولية.
وبقدر ما يعكس الأمر حاجة العراق إلى شبكات مصرفية معترف بها دولياً، إلا أنه يسلّط الضوء أيضاً على التبعية الاقتصادية المتزايدة، ما يفرض ضرورة إصلاحات جذرية في هيكل النظام المالي العراقي.