واعتبر التحليل، ان وجهات نظر
العراقيين تختلف حول ماهية أهداف مقتدى الصدر والتكتيكات التي يستخدمها،
مشيرا إلى أن شريحة كبيرة من الجماهير تنظر إليه على أنه عامل التغيير المطلوب وسط إخفاقات النظام
السياسي في
العراق
وفي حزيران/يونيو الماضي، استقال نواب التيار الصدري الـ73 من البرلمان، بعدما كانوا يشغلون ككتلة،
أكبر عدد من المقاعد فيه.
ورفضا لترشيح محمد شياع السوداني من قبل الإطار التنسيقي، لتولي رئاسة الحكومة، أظهر الصدر الذي يملك قاعدة شعبية واسعة أنه لا يزال قادرا على تحريك الجماهير لأهدافه السياسية، بعدما اقتحم مناصروه
البرلمان مرتين خلال أقل من أسبوع، وباشروا داخله اعتصاما، بحسب التحليل.
مبتغى الصدر؟
وذكر التحليل أن هناك الكثير من التكهنات حول دوافع الصدر، ومنها: هل كان محبطا من الجمود
السياسي الذي طال أمده، وهل يستعد لاعتزال من السياسة؟ أم إنه تخلى عن النظام
السياسي وخطط لمواجهة الطبقة السياسية من الخارج؟
كما تساءل: "هل تعرضت حياة الصدر للتهديد من قبل إيران لأنه كان يهدف إلى إقصاء حلفائها من أن يكونوا جزءا من الحكومة؟
وظن خصوم الصدر أنهم نجحوا في إحباطه لدرجة الانسحاب من العملية السياسية وسرعان ما استبدلوا نوابه، ومعظمهم من أعضاء نوابهم، بحسب تحليل الكاتب.
وأضاف أن الإطار التنسيقي وآخرون اعتقدوا أن طريق تشكيل الحكومة بات ممهدا، خاصة أن زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي يتطلع إلى وضع نفسه لفترة ولاية ثالثة في رئاسة الوزراء أو اختيار رئيس للوزراء من دائرته المقربة.
ولفت إلى أن انسحاب الصدر من
البرلمان وضع رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي وحكومته وشركاء الصدر السياسيين والبرلمانيين في موقف صعب للغاية.
كما اعتقد العديد من خصومه أن الصدر قد فقد قدرا كبيرا من ناخبيه لإحباطهم من عدم قدرته على تشكيل الحكومة.
وفي المقابل، أشار التحليل إلى أن الكثيرين لن يدعموا أي محاولة لإسقاط النظام وإشعال حرب أهلية بين الشيعة، وكذلك لن تدعم المؤسسة الدينية الشيعية العراقية في النجف ولا المجتمع الدولي مثل هذه الخطوة.
وتابع أن خصوم الصدر يعتقدون أن حرب روسيا على أوكرانيا غيرت الكثير من الأمور، وأن الولايات المتحدة وأوروبا بحاجة إلى نفط
العراق.
ومع بلوغ الطاقة الإنتاجية لدول الخليج إلى الحد الأقصى، يمكن للعراق أن يعوض وينتج المزيد، لذلك، اعتقد خصوم الصدر أن واشنطن وأوروبا ستقبلان بحكومة يشكلها الإطار التنسيقي، على أمل أن تعطي الأولوية لإنتاج النفط على الإصلاح ومسائل الحوكمة الأخرى.
ومن الواضح أن هذا التحول في الأحداث قد أظهر بالفعل أن الكثير من تفكير خصوم الصدر لم ينجح، وفقا للتحليل الذي أشار إلى أن دعوته لأداء صلاة الجمعة وسط حرارة الصيف الحارقة في
بغداد مع استجابة عشرات الآلاف من الناس، أظهرت أن دعم الصدر لا يزال قويا.
كما بين أن الاستيلاء على مبنى
البرلمان والمنشآت الأخرى في المنطقة الخضراء في الأيام القليلة الماضية، ودعوة الجهات السياسية الأخرى وزعماء العشائر والشعب
العراقي للانضمام إلى ما أسماه "ثورة سلمية عفوية"، تشير بوضوح إلى أن الصدر حريص على تحقيق أهدافه السياسية المعلنة لتغيير النظام
السياسي ومحاربة الفساد.
وأكد أن خصومه يعتقدون الآن أنه يتجه حقا نحو تحقيق الهدف النهائي، المتمثل في جعل السلطة السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية فوق أي شخص آخر.
دور واشنطن
وقال التحليل؛ إن هناك تصورات متناقضة في
العراق حول دور الولايات المتحدة، ومنها أن التفكير السائد هو أنه لن يتم تعيين أي رئيس وزراء، أو يمكن أن ينجح إذا لم توافق عليه الولايات المتحدة وإيران.
في الوقت نفسه، يعتقد العديد من الفاعلين السياسيين أن دور الولايات المتحدة ونفوذها قد تضاءلا بشكل كبير في
العراق.
بالمقابل، لفت التحليل إلى أنه على الرغم من العلاقات المتوترة بين الصدر والولايات المتحدة في السابق، يعتقد البعض أن واشنطن فضلت تشكيل الصدر لحكومة من أجل تعزيز
العراق في مواجهة إيران وحلفائها.
كما أضاف أن للولايات المتحدة مصلحة في عراق ديمقراطي ومستقر وذي سيادة، ومن ثم يمكنها أن تعمل مع حلفائها عبر الطيف
السياسي العراقي جنبا إلى جنب مع حلفائها الأوروبيين والأمم المتحدة، لتشجيع ودعم الحوار بين مختلف الجهات الفاعلة لمنع العنف وكسر الجمود
السياسي وتمكين الحكم الفعال.
إلى أين يتجه العراق؟
وذكر التحليل أنه على الرغم من التغييرات العديدة في العراق، إلا أن المشكلة الأساسية باقية وتتمثل في وجود اختلال في توازن القوى وعدم استعداد لقبول الآخر، وجهود محدودة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بالفعل.
وتابع أن الطبقة السياسية منفصلة عن معاناة الجمهور وتتصرف بلامبالاة، بينما تتمتع إيران وتركيا ودول أخرى بنفوذ منافس قوي في العراق، وتعطي الأزمة الحالية فرصة
أكبر لتوسيع هذا النفوذ، مضيفا أن المشاكل الداخلية توفر مساحة للآخرين لممارسة نفوذهم.
وحسب التحليل، يمكن حل مشاكل
العراق أو التخفيف من حدتها إذا عمل العراقيون بعضهم مع بعض بشكل أفضل، حيث رأى أن
العراق يبقى مهما لاستقرار المنطقة ولمصالح الأمن القومي للقوى الإقليمية والعالمية.
ومضى بالقول؛ إن البلاد تمتلك العديد من العناصر اللازمة للتغيير الإيجابي، لكن لا تزال تفتقر إلى محفز لتسخير هذه العناصر
وأضاف أن هناك جهودا لكسر الأزمة السياسية الحالية، لكن المأزق
السياسي العميق في
العراق لن يتم تحريكه في أي وقت قريب.
وخلص بالقول: "يمكن أن يحدث تغيير حقيقي إذا أصبحت العملية السياسية أكثر تعبيرا عن إرادة العراقيين، الذين لم يصوت أكثر من 60 في المئة منهم في انتخابات 2021، ولم يوافقوا على الطبقة السياسية".