مسعود البارزاني، الزعيم الكُردي الأكثر نفوذاً في العراق من بين القادة الكُرد، والماسك بقبضة من حديد على مقاليد السلطة في كُردستان العراق بصفته رئيساً للإقليم، مرت حياته بالعديد من المراحل، فمن هو البارزاني؟
ولد في مدينة مهاباد كردستان إيران، فقد تزامنت ولادته مع يوم تأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وإقامة الكيان السياسي الكردي الجديد أي جمهورية كردستان في مهاباد التي لم تدم سوى مدى قصيرة من الزمن.
وبعد انهيار جمهورية كردستان في عام (1947)، اضطرت عائلة مسعود البارزاني مع مجموعة من بيشمركة الكرد وعوائلهم للرجوع إلى كردستان العراق وبعد عودتهم ابعدوا من قبل النظام العراقي إلى جنوب العراق ولاسيما بغداد والبصرة، ولكن والد مسعود الملا مصطفى البارزاني قائد الثورة الكردية توجه مع رفاقه إلى الاتحاد السوفيتي وبقوا هناك حتى عام 1958.
لم يكمل مسعود البارزاني دراسته المتوسطة بسبب العوامل السياسية والتحاقه بثورة أيلول، فقد ترك بغداد وهو في الـ16 من عمره ليلتحق بالبيشمركة سنة 1962، فقد كان له دور في ثورة الكرد التي اندلعت يوم الحادي عشر من أيلول عام 1961 بقيادة الملا مصطفى البارزاني والتي استمرت لغاية عام 1975، وكان انخراطه في النضال السياسي مقرونا بدعم ومساندة والده.
وقضى معظم أيام شبابه في سبيل تحقيق الهدف الذي كان الحزب الديمقراطي الكردستاني وضعه لنفسه في عام 1961 وهو الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان وبعد ذلك الفيدرالية لكردستان في أطار العراق الديمقراطي، فقد كرس جل نضاله من أجل هذا الحل الواقعي.
بعد نكسة ثورة أيلول نتيجة اتفاقية الجزائر بين شاه إيران والحكومة العراقية في عام وبتوجيه من أبيه الملا مصطفى، قام مسعود البارزاني سوية مع شقيقه إدريس البازراني ومجموعة من رفاقه بتنظيم صفوف البيشمركة وتأسيس قيادة مؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني للدفاع عن الكرد وكردستان، فقد مهد ذلك لاندلاع ثورة كولان في (26 أيار 1976).
في عام (1976 ولغاية 1979) كان مسعود بارزاني يقيم مع والده في أميركا، وبعد سقوط نظام الشاه في إيران، سافر إلى إيران لكي ينظم قدوم أبيه إلى إيران، ولكن في اليوم الذي وصل فيه إلى إيران الموافق (1 آذار )1979، توفى والده في واشنطن.
في تشرين الثاني عام 1979، في المؤتمر التاسع للحزب الديمقراطي الكردستاني، انتخب مسعود بارزاني رئيساً للحزب الديمقراطي الكردستاني.
وكان دور كل من مسعود وأخاه إدريس بارزاني بارزاً بين عامي (1980 و 1987) في تأسيس عدة جبهات سياسية في العراق ولاسيما عند تأسيس الجبهة الكردستانية المتكونة من عدة منظمات وأحزاب كردستانية.
في نيسان (1991) بدأت المفاوضات مع حكومة بغداد ولعدة أشهر ترأس بارزاني الوفد الكردي الذي كان مؤلفا من جميع أحزاب الجبهة الكردستانية، إلا أنها لم تصل إلى أية نتيجة بسبب رفض المطالب الكردية المتمثلة في الحكم الذاتي للإقليم والديمقراطية للعراق.
وفي المؤتمر (12) للحزب الديمقراطي الكردستاني عام (1999) أعيد انتخاب مسعود بارزاني مرة أخرى رئيساً للحزب.
شارك بارزاني في التسعينيات وحتى سقوط نظام البعث، في عدة مؤتمرات ومحافل دولية، مثل اجتماع واشنطن عام 1992 وبعد ذلك في عام 1993 ومؤتمر صلاح الدين 1992 ومؤتمر لندن في ديسمبر ومؤتمر صلاح الدين في شباط 2003.
وكان له دور رئيس في معظم الأحداث السياسية للعراق الجديد، وأيضاً في تأسيس مجلس الحكم العراقي في (31 تموز 2003)، والذي أصبح عضواً فيه وفيما بعد رئيساً له.
في (12 حزيران 2005) انتخب مسعود بارزاني كأول رئيس لإقليم كردستان من قبل المجلس الوطني الكردستاني العراقي.
وفي الانتخابات التي جرت في إقليم كردستان يوم (25 حزيران 2009)، حصل مسعود بارزاني على نسبة (70%) من أصوات الناخبين، وبذلك انتُخب للمرة الثانية رئيسا للإقليم وبصورة مباشرة من قبل شعب كردستان وأدى اليمين القانونية أمام برلمان كردستان يوم (20 آب 2009).
قدم بارزاني وعائلته تضحيات جسيمة من أجل القضية الكردية، فمنذ ولادته وحتى بلوغه الثانية عشرة من العمر لم يلتق بوالده، لكون والده مقيما آنذاك في الاتحاد السوفيتي، وقد اغتيل ثلاثة من أخوته على يد النظام السابق، فقد كان اثنان وثلاثون شخصاً من أقربائه ضمن الثمانية آلاف شخصاً من البارزانيين الذين توفوا في قضيه الأنفال عام 1983.
وكان هو بذاته هدفاً لعدة محاولات اغتيال لاسيما في فيينا عاصمة النمسا في (8 كانون الثاني 1979)، حيث قامت الأنظمة المتعاقبة التي توالت على الحكم في العراق بتدمير قرية "بارزان" التي ينتمي إليها (16) مرة.
ودعا البارزاني، الأحد (20 تشرين الثاني 2016)، الأحزاب السياسية الكردستانية إلى الاتفاق لتشكيل حكومة جديدة واختيار شخص آخر لرئاسة إقليم كردستان لحين إجراء الانتخابات، مشيرا إلى أنه سيبذل كافة إمكانياته لدعم هذه العملية، وذلك على خلفية أزمة مالية خانقة واضطرابات تعصف بالإقليم وتنتقد نظام الحكم فيه وتعتبره قائماً على "احتكار" السلطة.