السومرية نيوز/
البصرة
أفاد بائعون يعملون في محال
تجارية قريبة من معبد اليهود في البصرة، السبت، بأن المبنى الذي يستخدم منذ أعوام كمخزن للبضائع على وشك الإنهيار بسبب قدمه، فيما كشف مجلس
المحافظة عن مقترح لترميم المعبد.
وقال البائع في سوق المقام
علي محمد في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "معبد اليهود على وشك الإنهيار، وتوجد ثغرة واسعة في سقف طابقه العلوي"، مبيناً أن "التشققات في جدرانه واضحة، وليس من المستبعد أن تسقط في حال عدم ترميمها".
بدوره، قال بائع آخر يدعى عباس راضي في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "بعض المحال المجاورة للمعبد تعود ملكيتها الى يهود، وإيجاراتها تدفع بشكل سنوي الى محام من سكنة
العاصمة بحوزته
وكالة من مالكي المحال"، مضيفاً أن "إنهيار المعبد سيؤدي الى إلحاق أضرار بالمحال القريبة منه، وما يجعل ذلك ممكناً إنهيار أجزاء من البناية المجاورة للمعبد بسبب قدمها".
من جانبها، قالت رئيس لجنة التطوير والإعمار في مجلس
المحافظة زهرة البجاري في حديث لـ"السومرية نيوز"، إن "مشروعاً لترميم المعبد والحفاظ عليه كموقع تراثي من المؤمل تنفيذه في العام المقبل بتمويل من موازنة المحافظة"، موضحة أن "المشروع يواجه عقبة تتمثل بعدم معرفة الجهة التي تمتلك المعبد، وقد أكدت لنا مفتشية الآثار والتراث عدم عائديته لها".
وأشارت البجاري التي كانت تترأس لجنة السياحة والآثار في المجلس بدورته السابقة الى أن "مشروع ترميم المعبد المقترح ضمن خطة مشاريع عام 2014 قد لا ينفذ في حال عدم المصادقة عليه قبل نهاية العام الحالي"، معتبرة أن "المباني التراثية المهمة في المحافظة، ومنها معبد اليهود، ينبغي الحفاظ عليها قبل فوات الأوان".
يذكر أن معبد (التوراة) الواقع في سوق المقام في منطقة العشار شيد في عام 1915 على نفقة بعض وجهاء الطائفة اليهودية لغرض ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية فيه، وهو يتكون من سبع غرف ومذبح، فيما تحيط به محال
تجارية تعود ملكيتها الى يهود، وأصبحت العبارات العبرية المنقوشة على سقوف المعبد المؤشر الوحيد على هوية المكان الذي كان مقراً فرعياً لحزب البعث خلال التسعينات، وبعد سقوط نظام الحكم السابق في عام 2003 إقتحمه مجهولون وسرقوا محتوياته، ثم تحول
مبنى المعبد الى مخزن للبضائع.
ولعل موقع المعبد هو خير دليل على التعايش السلمي الذي كان سائداً في البصرة، حيث يقع على بعد نحو 30 متراً عن جامع المقام للمسلمين الشيعة، والذي يشترك في سياجه الخارجي مع جامع العشار الكبير للمسلمين السنة، لكن حالة الوئام لم تستمر طويلاً، فقد تعرض اليهود في
المحافظة الى إعتداءات ومضايقات سرعان ما تطورت عند الإعلان عن قيام إسرائيل في عام 1948 الى حملات تهجير وتشريد ونهب لممتلكاتهم، وتزامنت تلك الحملات مع قرار حكومي يمنع اليهود من مغادرة العراق، ثم سمحت لهم الحكومة بالهجرة بشرط التخلي عن الجنسية العراقية والتنازل عن كل ما بحوزتهم من ممتلكات، وفي غضون عامين جرى نقل أغلب اليهود العراقيين الى إسرائيل ضمن حملة أطلقت عليها
وكالة الهجرة اليهودية اسم (عزرا ونحميه)، وعندما قررت الحكومة العراقية مرة ثانية منع اليهود من السفر في عام 1952 تمكنت العوائل المتبقية من جمع شتاتها والتعايش مع المكونات والطوائف الأخرى، لكن بأقل قدر من الإنفتاح والتواصل، ولم تخلو
البصرة من اليهود إلا في عام 2003، عندما غادرتها آخر شخصية يهودية، وهي إمرأة مسنة كانت تسكن بمفردها في شقة مجاورة للمعبد.