السومرية نيوز/
بغداد
يحتفل
الصابئة المندائيون يوم غد الخميس، بالعيد الكبير "الكرصة"، والذي يستمر لمدة ثلاثة أيام، ولهذا العيد خصوصية تختلف عن الأعياد الأخرى في الديانة، أو الديانات الأخرى، حيث يلجأ أبناء طائفة
الصابئة إلى المكوث في منازلهم لمدة 36 ساعة متواصلة، يمنع فيها دخول أو خروج أي شخص، كما يمنع فيها استخدام الماء الجاري (مياه الحنفية) لذا يلجأون إلى خزن المياه في أوان من معدن الصفر، خلال هذه الفترة.
ويقول
الشيخ علاء عزيز، وهو أحد شيوخ الطائفة، في حديث لـ"السومرية نيوز" إن "هذه الـ36 ساعة، شهدت تكوين العالم السفلي، أي تهيئة الأرض من قبل الله لغرض خلق آدم وحواء، لذا يبقى المندائيون في منازلهم، لأن الأرض في هذه الفترة هي مكان خرب، وتسكنه الأرواح الشريرة التي تعبث بكل شيء حي ومن ضمنها الماء".
وفي هذه الفترة، التي هي يوم ونصف اليوم، يغلق أبناء الطائفة أبواب منازلهم ونوافذهم، عند غروب الشمس، ويفتحونها عند شروق الشمس في اليوم الثالث، ويقومون بتغطية (حنفيات الماء) بقطع قماش، الغرض منها هو عدم السهو واستخدامها، وقبل ذلك يملأون الأواني الخاصة لخزن الماء بالكمية الكافية من المياه اللازمة لأغراض الغسل والشرب.
ويعزو
عزيز سبب منع استخدام الماء إلى "كونه أحد الأمور الحية التي تعبث بها الأرواح الشريرة، وتدنسها، قبل أن يكمل الله تهيئة الأرض"، ويضيف أن "من الأشياء الممنوعة أيضا هو عدم لمس أي شيء مدنس".
والأشياء المدنسة تشمل عدة أمور، منها أدوات المنزل المختلفة، ومزلاج الباب والنوافذ، والطعام الذي تم طهوه خارج المنزل، وحتى الأكياس أو أي شيء جاء من الخارج قبل العيد، فضلا عن ذلك، يمنع استقبال أي شخص من الخارج خلال هذه الفترة، أو استلام أي شيء منه بأي شكل من الأشكال، كما يمنع خروج أي شخص من المنزل.
ومن الطقوس الدينية، الواجب فعلها لدى أبناء الطائفة في هذا العيد، هي التعميد وعمل الثواب للموتى، والتعميد كما يرد في اللغة الآرامية "مـُصبـُتا" اشتقاقا من الفعل "صبا" الذي يعني اصطبغ، فالتعميد هو صبغة دينهم التي يحصلون بها على رسم الإنتماء ومغفرة الخطايا، والصبغة هي الدين والشريعة، حيث لكل دين صبغته التي تميزه، فإن صبغة
الصابئة المندائيين بالماء الجاري الذي صارت منه الحياة لأنه من الحي الخالق الأزلي.
ويعد اليوم الذي تغلق فيه الأبواب هو أول أيام العيد، ويليه اليوم الثاني، ويوم الخروج من المنزل، هو اليوم الثالث والأخير، ويعد هذا اليوم يوم الاحتفال الكبير بازدهار الأرض وتكوينها بهذا الشكل.
ويقول
عزيز إن "اليوم الثالث هو يوم الفرح بازدهار وتكوين الأرض بهذا الشكل، بعد أن كانت خربة والماء الذي فيها هو عبارة عن ماء آسن".
وجرت العادة عند أبناء الطائفة أن يذبحوا الخراف في اليوم الأول، وقبل مغيب الشمس، حتى أصبحت فرضا، لكن
الشيخ يؤكد أن "الذبح ليس فرضا دينيا، وإنما هو شيء معنوي يقوم به الناس عند استقبال أي مناسبة جميلة".
ولهذا الأمر، وجه آخر، إذا يقول أحد بائعي الخراف، بأنه يعرف مواعيد كافة المناسبات للمسلمين والصابئة، وفيما يخص
الصابئة "فلديهم أكثر من مناسبة يذبحون فيها، ونحن نعرف أوقاتها بالضبط، لذا نعد هذه الأيام من أكثر الأيام التي نسترزق فيها".
وأشار أثناء حديثه لـ"السومرية نيوز" أن "الصابئة يبحثون دائما عن الخروف الذكر، ولا يستسيغون الأنثى نهائيا".
فيما يشير
علاء إلى أن "اليومين اللذين يسبقان العيد هما يوما صيام، يحرم فيها أكل أو ذبح أي شيء لديه روح".
ولدى
الصابئة أكثر من مناسبة يمتنعون فيها عن أكل اللحوم، ومنها موسم تزاوج الحيوانات.
ويتابع
علاء أن "الصيام ينتهي عند أول يوم في العيد، ويبدأ في اليوم الثاني للعيد ولمدة سبعة أيام، وفي ليلة السادس على السابع، حيث تكون هذه الليلة هي بداية عيد شوشيان (عيد السلام) والذي يستمر ليوم كامل"، مشيرا إلى أن في هذا اليوم "بدأ الخضار يعم الأرض، بعد أن هيأها الله لخلق أدم وحواء، لذا تعمل أكاليل من أوراق شجرة الغرب، وتوضع عند أبواب منازل الصابئة".
وشجرة الغرب هي شجرة غير مثمرة، لذا يستخدمها الصابئة، ويقول
الشيخ "لو كانت مثمرة لما أخذنا أوراقها، وألحقنا الضرر بثمارها، وأن أي شيء مثمر لن نتلاعب به".
وليلة السابع، هي ليلة تفتح بها أبواب السماء أيضا، ويشير
علاء إلى أن "أبناء الطائفة يقومون بقراءة التراتيل والتسابيح في هذه الليلة، لأن أبواب السماء تفتح بها، وأن الأدعية مستجابة، وهي ليلة تتشابه مع ليلة القدر في الديانة الإسلامية".