السومرية نيوز /
دهوك
تقول نازدار، 17 سنة، وتسكن
مدينة دهوك، إنها أقدمت على الانتحار عدة مرات،
وبوسائل متنوعة، لكنها لم تنجح بسبب متابعة أسرتها لتحركاتها. ويعود سبب محاولات
نازدار الانتحار، إلى أنها
فقدت علاقة عاطفية ربطتها بشاب، قبل ثلاث سنوات.
وتضيف نازدار وهي طالبة في المرحلة المتوسطة أن الانتحار كان بالنسبة لها
"أمنية كبيرة بسبب الضغط النفسي الشديد الذي خلفه فقدان العلاقة
العاطفية"مع ذلك الشباب الذي كانت تعتبره
فارس أحلامها، عازية سبب فقدان
العلاقة بينهما إلى"رفض أسرة الشاب بزواجي بابنهم".
وتشير نازدار إلى أن"هذه الحالة أثرت سلباً على حياتي، ورسخت فكرة
الإنتحار لدي يوماً بعد آخر، فضلا عن أنني تركت الدراسة بسببها"، لافتة إلى
أنها حاولات الإنتحار من خلال رمي نفسها من سطح منزلها واستخدام الأدوية السامة
وقطع شرايين يديها. لكن جميع محاولاتها باءت بالفشل بسبب متابعة أسرتها لها.
و تخضع نازدار حاليا للمعالجة النفسية في
دهوك وتأمل "في بدء حياة
جديدة"، وتتمنى أن ينجح هذا العلاج في تغيير أفكارها من أجل "التمتع
باستقرار نفسي بعد معاناة دامت لأكثر من ثلاث سنوات".
وتشير المنظمات الأهلية المهتمة بقضايا المرأة والشباب في إقليم كردستان
إلى تصاعد حالات الانتحار بين الشبان والشابات وكبار السن أيضاً، عازية أسباب ذلك
إلى "التغييرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتكنولوجية".
ويقول مدير مركز علاج ضحايا العنف في
دهوك رسبن نوئيل بيتو
لـ"
السومرية نيوز" إنه "تمت معالجة أكثر من 250 شخصا من أمراض نفسية
وضحايا العنف خلال العام الماضي"، مضيفا أن"نحو 10% منهم كانوا قد
حاولوا الانتحار قبل أن تتم معالجتهم".
ويشير بيتو، إلى إن"حالات الإصابة بالأمراض النفسية تشهد تصاعدا
ملحوظا في دهوك"، لافتا إلى أن "مركزه يستقبل أسبوعياً أكثر من 20 حالة
من ضحايا العنف والمصابين بالأمراض النفسية".
ويضيف بيتو أن "أغلب المصابين يعانون من أمراض الكآبة والشيزوفيرنيا
والخوف، وتشكل النساء والأطفال نسبة كبيرة منهم"، عازيا أسباب ذلك إلى
"التغييرات التي شهدتها الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتكنولوجيا والأوضاع
السياسية والحروب التي مرت بها المنطقة".
ويقول الباحث الإجتماعي بيار بافي إن "ظاهرة الانتحار انتشرت بشكل
واسع بعد العام 1990 نتيجة الأحداث التي شهدها العراق وخلفت مشاكل إقتصادية
وإجتماعية"، مؤكداً أن "محافظة
دهوك تسجل نحو 60 حالة انتحار
سنوياً".
ويشير بافي خلال حديث لـ"
السومرية نيوز" إلى أن "الإناث
يشكلن نحو 80% من المنتحرين" لافتاً إلى أن "أعمار أغلبية المنتحرين
والمنتحرات لاتتجاوز 40 عاما".
ويعزو بافى انتشار الانتحار إلى "أسباب عدة منها بروز النزعة الفردية،
والضغوطات الإجتماعية والتقليد، فضلا عن غياب الوعي بخطورة الانتحار وآثاره على
المجتمع"، مشيراً إلى"أهمية إنشاء مراكز مختصة لمساعدة الأفراد في حل
المشاكل الاجتماعية والنفسية".
ويؤكد بافي أن "من الضروري أن تلعب وسائل الإعلام والمؤسسات المدنية
والدينية دوراً أكثر فاعلية للمساهمة في الحد من انتشار ظاهرة العنف الأسري
والانتحار في المجتمع".
وتقول المنظمات المعنية والجهات الحكومية إنها تقوم بجهود للحد من انتشار
ظاهرة الانتحار ومواجهة ممارسات العنف ضد المرأة والأسرة.
ويفتقر العراق إلى إحصائيات دقيقة عن عدد حالات الانتحار بسبب الضغوطات
الاجتماعية والتعتيم الإعلامي، في ظل غياب البرامج الحكومية الكفيلة بالكشف عن
أسبابها ووضع الدراسات لمعالجتها، فيما شهدت العديد من المدن العراقية خلال الفترة
الماضية حالات انتحار يعزوها أطباء نفسيون إلى الضغوط النفسية والتغيرات التي
شهدها المجتمع.