سنان الشبيبي .. قربان أخطاء أم ضحية مهنيّة؟

 السومرية نيوز / بغداد

كان إصدار مجلس القضاء الأعلى مذكرة اعتقال بحق محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي في "قضايا فساد"، سبباً في عدم عودته الى بغداد، واللجوء الى سويسرا، ومن ثم اتهامه لرئيس الحكومة نوري المالكي بأنه يحاول السيطرة على البنك المركزي، والتحكم بأمواله حسب أهدافه السياسية.

ويرى البنك الدولي أن الشبيبي "رجل مهني مختص ومقتدر في أداء عمله إلا أن مسألة إقالته قضية خاصة تتعلق بسيادة البلد".

  في حين يرى المحلل الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني وبرغم خلافه وعدد من الاقتصاديين مع سياسة البنك المتشددة ورفع سعر الفائدة في الأعوام 2006- 2009، أن "إقالة الشبيبي موضوع سياسي بامتياز لأن سياسة البنك المركزي لم تكن تتناسب مع سياسة الحكومة".

 والشبيبي المولود في بغداد في عام 1941، هو ابن محمد رضا جواد الشبيبي شاعر من نوابغ شعراء العراق وزعيم وطني، ابتلي بالسياسة فكان مصلحاً اجتماعياً أكثر منه سياسياً ورجل دولة، ساهم في قيادة ثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني.

عين بمنصب محافظ البنك المركزي العراقي وبدرجة وزير، في 30 آب 2003، بعد مداولات مطوله من قبل مجلس الحكم السابق، حاصل على بكالوريوس اقتصاد  بمرتبة الشرف الأولى من جامعة بغداد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية 1966، وحاصل على شهادة دبلوم العالي في التنمية الاقتصادية من جامعة مانشستر 1970.

 وحصل على شهادة الماجستير في الاقتصاد من جامعة مانشستر في عام 1971، كما حصل على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة برستول - انكلترا في عام 1975.

 وعاد الشبيي بعدها للعراق ليعمل رئيساً لقسم الاستيراد والتسويق في وزارة النفط لغاية عام 1977، بعدها أنتقل إلى رئاسة قسم التنسيق والتخطيط في وزارة التخطيط ليبقى في هذا المنصب لغاية 1980، بعدها شغل منصب اقتصادي أقدم في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأنكتاد" لغاية 2003.

 وأختص الشبيبي بمجالات متعددة أهمها بناء نماذج الاقتصاد القياسي، اقتصاد العراق، وإدارة الدَين الخارجي مع التأكيد على الجوانب التحليلية والاقتصاد الكلي، وتحليل استدامة الدَين، وتحليل ميزان المدفوعات، والتدفقات النقدية لدول الأوبك خاصة للمؤسسات المالية العربية، واقتصاديات النفط والطاقة، و مشاكل التطور في الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط عموماً، وتطور مضامين التجارة والعولمة المالية. 

وقال الشبيبي للصحفيين من جنيف بعد قرار إقالته، انه يعتقد أن المشكلة الأساسية هي أن البنك المركزي لم يمول الحكومة لان القانون لا يسمح بذلك، وأضاف أن الاتهامات الموجهة ضده لم تمر بالتحقيق الإداري وتحولت الى القضاء مباشرة، ووصف الانتقادات بانها غامضة وظالمة.

 وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد، في (5 تشرين الثاني 2012)، إن رؤوساً كبيرة ستسقط بقضية البنك المركزي، وفي حين أكد إن وجود سنان الشبيبي في البنك أمر خاطئ لانتهاء مدة تعيينه محافظاً، أشار إلى أنه لا يتصرف بالأموال العراقية، وليست لديه معلومات بشأن حجمها أو أماكن إيداعها.

 ويعتبر المحلل الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني أن "سنان الشبيبي والكادر العامل في البنك عملوا بمهنية عالية، ولكن هذا لا يعني عدم وجود أخطاء في البنك حاله حال الكثير من مؤسسات الدولة ولكن البنك يعتبر من أفضل المؤسسات التي عملت بمهنية خلال العشر سنوات الماضية".

 ويضيف المشهداني في تصريح لـ"السومرية نيوز" اليوم أن "الخطأ الذي وقع به الشبيبي هو وضع بعض المسؤولين في مزاد البنك ولفترات طويلة، وكان من المفروض أن يتم تغييرهم بشكل دوري على الأقل كل شهرين، لأن وجودهم بهذه الفترات يجعلهم هدف للبنوك الأهلية الخاصة والمتعاملين في المزاد وسوف يتم التلاعب بكميات هذه البنوك على حساب بنوك ومتعاملين آخرين"، معتبراً أن "هذا الإجراء من الأخطاء القاتلة التي وقع بها الشبيبي، والتي استغلتها الحكومة للإطاحة به".

 ويشير المشهداني إلى أن "الشبيبي معروف بنزاهته ومهنيته وصرامته وعمله بقانونية لا تتناسب مع المرحلة الحالية، التي تتسم بالميول السياسية والشخصية ومحسوبيات الأحزاب السياسية والفساد الإداري" واصفاً إياه بـ"الشخص الذي لا يناسب هذه المرحلة".

يشار إلى أن مجلس القضاء الأعلى أكد، في (19 تشرين الأول الماضي)، صدور مذكرة اعتقال بحق محافظ البنك المركزي وعدد من المسؤولين في قضايا فساد، بعد أن نقلت وسائل إعلام محلية، في (14 تشرين الأول 2012)، عن مصادر رقابية أن القضاء أصدر مذكرة اعتقال بحق الشبيبي بتهم فساد، مشيرة إلى أنه هرب خارج البلاد بعد صدور المذكرة.

 وقرر مجلس الوزراء العراقي، في (16 تشرين الأول 2012)، إقالة محافظ البنك المركزي سنان الشبيبي وتكليف رئيس ديوان الرقابة المالية عبد الباسط تركي وكالة بدلاً عنه. 

وسبق أن كشف رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، في (7 تشرين الأول 2012)، عن وجود شبهة فساد في عمل البنك المركزي العراقي، وفي حين أشار إلى أن المجلس بأشر بتحقيق "معمق" في سياسة البنك المركزي منذ العام2003، تعهد بمتابعة التحقيق "شخصيا" لأهمية القضية.

 يشار إلى أن وتيرة الاتهامات تصاعدت بشأن عمليات تهريب العملة التي ألقت بظلالها على أسعار بيع الدولار في الأسواق المحلية وأدت إلى زيادة سعر صرفه قبل أشهر، ففي حين طالب نواب بضرورة أن تبادر الحكومة إلى إيقاف عمليات بيع العملة في مزادات البنك المركزي، أكد آخرون أن العراق يخسر أموالاً كبيرة جراء تهريبها يومياً إلى خارج الحدود، رغم إشادة العديد من المختصين بالشأن الاقتصادي على ايجابيات المزاد في خفض نسب التضخم والسيطرة على قيمة الدينار العراقي.