السومرية نيوز/
بغداد
تزداد الانتقادات الموجهة إلى وزارة التربية،
بشأن تكدس
الطلبة في صفوف المدارس الحكومية، ولا سيما الابتدائية، فأصبحت المدارس الأهلية
خياراً لا بديل عنه بالنسبة للكثير من سكان
العاصمة بغداد، الذين يأملون في حصول أبنائهم
على مستوى متقدم من التعليم.
ولم يكن التعليم في زمن النظام السابق، ينال
الاهتمام الذي يناله الآن لدى العراقيين، بسبب انخفاض معدلات الرواتب آنذاك، لكن التحسن
الكبير الذي شهدته أجور
الموظفين بعد 2003، زاد اهتمام العوائل العراقية بنوعية تعليم
أبنائها، أملا في حصولهم على وظائف حكومية.
وحاولت وزارة التربية إيجاد حلول سريعة لمعالجة
ظاهرة تكدس
الطلبة في صفوف المدارس الحكومية، باللجوء إلى اعتماد الدوام المسائي، لكن
هذا الإجراء لم يخفف الزخم الكبير في مدراسها.
وتقول الوزارة إنها تنفذ خطة واسعة لبناء آلاف
المدارس الحكومية في مختلف المحافظات. لكن شكوى العوائل من سوء مستوى التعليم في المدارس
الحكومية مستمرة.
ويعترف وزير التربية محمد تميم، بأن وزارته تحتاج
نحو عشرة آلاف بناية مدرسية لمواصلة جهود تطوير العملية التربوية.
وتقول معلمة في إحدى المدارس الابتدائية الحكومية
بجانب الكرخ من بغداد، إنها نقلت، مطلع العام الدراسي الحالي، نجلها من المدرسة التي
تعمل فيها إلى مدرسة أهلية، بعد أن بلغ عدد
الطلبة في الصف الواحد بمدرستها نحو 50،
في حين أنه يحتوي على 20 مقعدا دراسيا فقط.
وتقول المعلمة، التي ترفض الإفصاح عن اسمها،
واكتفت بالكشف عن كنيتها، وهي أم يوسف، إن "وجود 50 طالبا في صف واحد يقتل قدرة
المعلم على التواصل معهم". وتضيف "ما زلت أجهل أسماء نحو نصف طلبة الصف الذي
أشرف عليه، فما من
معلم يستطيع أن يحفظ أسماء 50 طالبا، وربما ينقضي العام الدراسي،
دون أن أحفظ اسماء جميع طلبتي".
وتقول أم يوسف إن "بعض
الطلبة ينامون اثناء
الحصة الدراسية، ولا أكتشف ذلك دوما، بسبب صعوبة التواصل مع الجميع". وتضيف،
"عندما أوجه سؤالا للطلاب وأطلب أجابة، أشعر بأنني أواجه تظاهرة، فهناك نحو
30 طالبا على الأقل يريدون الإجابة على سؤالي، وجميعهم يصرخ: ست، في آن واحد".
لكن هذه المعلمة لا ترى أن المدارس الأهلية تمثل
حلا حقيقيا لهذه المشكلة. وتقول إن "هروب
الطلبة نحو المدارس الأهلية ليس حلا،
فهذه المدارس تعمل بشكل شبه كيفي". وتضيف "لا نعرف كيف تحدد المدارس الأهلية
أجور انتساب
الطلبة إليها، وبينما تطلب بعض المدارس مبلغ 150 ألف دينار شهريا من طلبتها،
تطلب مدارس أهلية ضعف هذا المبلغ".
وتواصل أم يوسف حديثها عن مشاكل المدارس الإهلية
قائلة، إن "المدرسة الأهلية التي نقلت إليها ابني، أبلغتني أن منهاجها يحتوي على
مواد اللغة الفرنسية والحاسوب والموسيقى، لكن ابني لم يخبرني حتى الآن أنه تلقى أي
معلومات في هذه المواد، رغم انقضاء أكثر من نصف العام الدراسي الحالي".
وتضيف، "اتصلت بمديرة المدرسة وسألت عن
سبب عدم الإيفاء بالمنهج، فأجابت بأنها ما زالت تفاوض مدرس الموسيقى كي يباشر العمل،
في حين أن أجهزة الحاسوب لم تصل إلى المدرسة بعد". وتابعت "عندما سألتها
عن درس اللغة الفرنسية، استغربت، وقالت: من قال إننا ندرس اللغة الفرنسية لطلبتنا".
وتتساءل أم يوسف عن الجهة الحكومية المعنية بمراقبة
ومحاسبة المدارس الأهلية التي لا تلتزم بمناهجها ولا تفي بوعودها لعوائل الطلبة، فضلا
عن الجهة المسؤولة عن مراقبة أجور التعليم في المدارس الحكومية.
وعن المستوى العلمي لطلبة المدارس الأهلية، تقول
أم يوسف، إن "معلمي المدارس الأهلية يعملون تحت تهديد فقدانهم وظائفهم".
وتوضح أن "شكوى عائلة ما من
معلم في مدرسة أهلية قد تقود إلى طرده من عمله، وذلك
لإن إدارات المدارس الأهلية تتعامل بما يشبه القداسة مع طلبتها، لأنهم يدفعون لها مبالغ
طائلة، ولا تريد إغضابهم".
وتضيف، "بت متأكدة الآن من أن معلمي مدرسة
ابني لا يضغطون على الطلبة، بل ويتساهلون معهم كثيرا، حتى لا يسببوا مشاكل لأنفسهم"،
معتبرة أن "هذه الصيغة ستفسد الطلبة، ولن يتعلموا شيئا".
وتضيف "في إحدى المرات قدمت شكوى إلى إدارة
مدرسة ابني، بسبب إصابته بجرح في يده عندما كان يمارس لعبة مع زملائه، فما كان من مديرة
المدرسة إلا أن بدأت بالصراخ على المعلمين بطريقة أخجلتني". وتابعت "تدخلت
عندما شعرت بأن نوبة هستيرية أصابت السيدة المديرة، وقلت لها إنني أسحب شكواي، بعد
أن وجهت سيلا من الكلمات الجارحة للمعلمين والمعلمات، متهمة إياهم بالإهمال".