السومرية نيوز/
بغداد
تبدو أزمة الكهرباء في
العراق مثل أحجية من دون حل، وفي وقت تستورد الحكومة
الطاقة من إيران، وتزعم أن كلفتها القليلة تسمح بإعادة تصديره، يرى خبراء في الاقتصاد
أن ما تقوم به الوزارة من حلول لم تكن سليمة منذ سنوات.
أما المواطنون، المتضرر الأكبر من شح الطاقة في البلاد، فأن فواتير المولدات
الأهلية التي تثقل كاهلهم شهرياً لا يبالون في ما لو كان الحكومة تستورد الطاقة من
أي
دولة "حتى لو كانت من القطب الشمالي"، المهم بالنسبة إليهم أن تنتهي أزمة
الأزمات العراقية.
نستورد من إيران ونكتفي ذاتياً ونصدر
يؤكد
نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني، والمتحدث
الرسمي
باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس أن الكهرباء ارخص كلفة من تركيا وإيران وهي مفتاح
الحل للازمة التي يعاني منها
العراق في الوقت الحاضر.
إذ يقول الشهرستاني، في حديث لـ"
السومرية نيوز"، إن "كلفة
استيراد الطاقة الكهربائية من إيران قليلة، ولو صدرت إلى الخارج لرفدت
العراق بمردود
اقتصادي"، موضحاً أن "
العراق يستورد الطاقة من إيران لسد النقص الحاصل لديه".
ويشير الشهرستاني إلى أن "
العراق لو اكتفى من الطاقة الكهربائية
بإمكانه استيراد الكهرباء بسعر أقل ويصدرها بسعر أعلى إلى الدول لتحقيق مردود اقتصادي
أضافي".
من جانبه، يقول المتحدث
الرسمي باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس في حديث
لـ"
السومرية نيوز"، إن "
العراق يستورد الكهرباء من إيران عبر أربعة
خطوط وهي خط كرمنشاه في بعقوبة وخط سربيل زهاب في خانقين وخط عبدان في البصرة وخط كرخة
في العمارة"، مشيراً إلى أن "الوزارة تشتري الكهرباء من إيران بواقع 7.5
سنت للوحدة التي تقاس بالكيلو واط لكل ساعة تجهيز".
ويلفت المدرس إلى أن "كمية الاستيراد من الطاقة الكهربائية من إيران
تتراوح من 1100 إلى 1150 ميغاواط، إضافة إلى استيراد ما يقارب من 300 ميغاواط من كردستان،
واستيراد ما يقارب الـ350 ميغاواط من البوارج التركية.
نائب: الاستيراد باب للفساد.. والصرف مليار دولار سنوياً
وفي الوقت الذي تجد الحكومة العراقية أنها تحصل على الفائدة من استيراد
الطاقة من إيران نظراً لقلة كلفتها، يرى عضو لجنة الطاقة البرلمانية عدي عواد، في حديث
لـ"
السومرية نيوز"، أن "
العراق ينفق أكثر من مليار دولار على استيراد
الطاقة الكهربائية".
ويقول عواد إن "استيراد الطاقة الكهربائية فساد وهدر للمال العام"،
موضحاً أن "
العراق ينفق أكثر من مليار دولار سنوياً على استيراد الطاقة الكهربائية
منها 400 إلى 500 مليون دولار من البارجات التركية".
ويوضح عواد أن "الاستثمار في قطاع الكهرباء نوع من عمليات الاستيراد"،
مشيراً إلى إن "قيام المستثمر بنصب المحطة الكهربائية وبيع طاقتها للدولة لمدة
معينة ومن ثم إعادتها لدولة المنشأ بعد انتهاء المدة هو أيضاً استيراد وفوضى متعمدة
لإغراض الفساد".
فيما يؤكد عضو لجنة الطاقة البرلمانية عواد محسن، في حديث لـ"
السومرية
نيوز"، أن "
العراق خصص نحو 30 مليار دولار للطاقة الكهربائية توزعت بين المشاريع
والاستيراد"، مبيناً أن "10% من تلك المشاريع تم انجازها فقط، فيما لم تنجز
المشاريع الأخرى بسبب فساد العقود وعدم وجود الرؤية الحقيقية لمتابعة عمل ومدد الانجاز
لهذه الشركات".
ويضيف محسن أن "
العراق لديه من الموارد الكبيرة التي تؤهله لأن يكون
أكبر منتج ومصدر للطاقة الكهربائية"، واصفاً استمرار
العراق في استيراده للطاقة
الكهربائية بـ"الخطأ الكبير".
ووصلت إلى
العراق ثلاث بوارج من شركة كاركي التركية إلى موانئ
العراق
الجنوبية خلال السنوات الثلاث الماضية لتوليد ما مقداره 350 ميغا واط.
خبير اقتصادي: إجراءات الوزارة لحل الأزمة غير صحيحة
لكن خبيراً اقتصادياً ينتقد وزارة الكهرباء لعدم اتخاذها إجراءات سليمة
لحل أزمة الطاقة، ويقول ماجد الصوري في حديث لـ"
السومرية نيوز"، إن
"جميع الحلول التي جاءت بها وزارة الكهرباء لحل مشكلة الكهرباء غير صحيحة وغير
مدروسة ولا تتناسب مع إمكانيات
العراق المالية"، لافتاً إلى أن "استيراد
الطاقة الكهربائية من دول الجوار أو عن طريق البواخر يجب أن لا يزيد عن العام أو العامين
ليتم بعدها حل مشكلة الكهرباء بشكل جذري".
ويضيف الصوري أن "الدولة العراقية صرفت 37 مليار دولار على قطاع
الكهرباء من دون تحقيق نتائج تذكر"، مشيراً إلى أن "21 مليار دولار ذهبت
إلى المشاريع الاستثمارية ولم يلمس المواطن أي نتائج ايجابية بتحسن الطاقة الكهربائية".
مواطنون: نريد الكهرباء حتى لو استوردت من القطب الشمالي
الانقطاع المستمر والطويل في التيار الكهرباء لاسيما في فصل الصيف الذي
تصل درجات الحرارة فيه إلى أكثر من 50 درجة
مئوية، دفع بالمواطن
العراقي إلى مطالبة الحكومة بتوفير هذه الطاقة حتى وأن تطلب استيرادها
من القطب
الشمالي.
ويقول رائد الخفاجي (45عاماً)، في حديث لـ"
السومرية نيوز"،
إن "المواطنين لا يبالون إن كانت استيراد الكهرباء من أي دولة، المهم توفير الطاقة خاصة في فصل الصيف الحار"، مؤكداً
ضرورة "تجهيز المواطنين بالطاقة حتى ولو كانت من
دولة في القطب الشمالي".
من جهته يرى طالب سعيد (37 عاماً)، في حديث لـ"
السومرية نيوز"،
أن "على الحكومة العراقية أن تحذو حذو إقليم كردستان الذي وفر الطاقة الكهربائية
لمواطنيها لمدة 24 ساعة من دون انقطاع عن طريق الاستثمار"، مشيراً إلى أن
"المواطن
العراقي يقوم حالياً بدفع فواتير أضافية للمولدات الأهلية للحصول على
الطاقة الكهربائية التي لا تكفيه سوى عشر ساعات يومياً".
وكان مجلس الوزراء
العراقي قرر في (6 تشرين الثاني 2012)، تخصيص 700 مليار
دينار (550 مليون دولار) لاستيراد الطاقة الكهربائية.
يذكر أن
العراق يعاني نقصاً في الطاقة الكهربائية منذ بداية سنة 1990،
وازدادت ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد 2003 في
بغداد والمحافظات، بسبب قدم الكثير
من المحطات بالإضافة إلى عمليات التخريب التي تعرضت لها المنشآت خلال السنوات الخمس
الماضية، حيث ازدادت ساعات انقطاع الكهرباء عن المواطنين إلى نحو عشرين ساعة في اليوم
الواحد، ما زاد من اعتماد الأهالي على مولدات الطاقة الصغيرة.