السومرية نيوز/
بغداد
نشرت مجلة "الإيكونومست" البريطانية، تقريرا تناول العلاقات السعودية العراقية واستثمارات السعوديين في بلاد الرافدين، ومدى تأثيرها على علاقات
بغداد مع الجارة الشرقية طهران.
وقالت المجلة في تقريرلها نشر الخميس واطلعت عليه
السومرية نيوز، إن الصراع الإقليمي بين المملكة
العربية السعودية وإيران دخل مرحلة جديدة، حيث بدأت الرياض في استخدام قوتها الناعمة بالعراق ما أشعر طهران بشيء من القلق.
وجاء في تقرير "الإيكونومست" البريطانية، أنه مثل أيام مضت قبل عقود عاد السعوديون مرة أخرى إلى جنوب العراق، حيث تضع المملكة اللمسات الأخيرة على قنصليتها في
مدينة البصرة.
وترى المجلة أنه قبل غزو صدام حسين للكويت في عام 1990، كان الخليجيون العرب يحتفلون على ضفاف نهر "شط العرب" جنوبي العراق، مشيرة الى أن كثيرين منهم قد امتلكوا فيلات ومزارع حول
البصرة وتزوجوا من عراقيات.، وبعد ثلاثة عقود من القطيعة يبدو أنهم قرروا العودة.
وأشارت الإيكونومست إلى أن عشرات الشعراء السعوديين سافروا الشهر الماضي إلى
مدينة البصرة من أجل حضور مهرجان أدبي، لافتة الى أن الخطوط الجوية بين السعودية والعراق عادت ايضا للعمل مرة أخرى، حيث وصل عدد الرحلات إلى 140 شهريًا.
وتابعت المجلة البريطانية، أن الشركات السعودية بدأت في افتتاح مكاتب لها في بغداد، وبينها شركة "SABIC" عملاق البتروكيماويات.
وذكّرت المجلة بمؤتمر الكويت لاعمار
العراق خلال الشهر الماضي، حيث تعهد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بتقديم نحو مليار دولار إلى
بغداد كقروض إلى جانب 500 مليون دولار من أجل إعادة بناء
العراق بعد مرحلة الحرب ضد تنظيم "داعش".
وبحسب إيكونومست، فإن هذا يأتي في سياق دفع الإدارة الأمريكية للدول الخليجية نحو التصعيد ضد إيران، ولكن الأمر لم يكن سهلًا على السعودية والعراق، بحسب المجلة التي استذكرت تهديدات صدام حسين بغزو السعودية، واشارت الى سماح الحكومة العراقية الحالية "للمسلحين الشيعة المدعومين من إيران" بإنشاء معسكر بجوار الحدود السعودية، في وقت تواجه السعودية اتهامات بأنها "تقدم التمويل للجهاديين السُنّة في العراق" كما جاء في تقرير المجلة.
وبحسب المجلة، فإن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بدأ في تحريك المملكة بعيدًا عن منطقها الطائفي، فعام 2015، كان مركزيًا في إعادة العلاقات الدبلوماسية التي أثمرت إعادة فتح الحدود بين
العراق والسعودية في العام الماضي.
كما ذكر التقرير أن ولي العهد السعودي أيضًا بدأ نقل الأموال من سياسيين سُنّة إلى شيعة أكثر تأثيرًا، فاستقبل محمد بن سلمان زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر، ووزير الداخلية قاسم الأعرجي.
وأشار التقرير إلى التفاوت في الدعم المقدم للعراق بواسطة السعودية وإيران، حيث لم تتعهد الأخيرة بشيء في مؤتمر إعادة الإعمار الأخير في الكويت.
وصرح مسؤول
عراقي بسعادة لإيكونومست قائلا: "بعدما فشلوا أمامها في القتال، يريد السعوديون حاليًا التفوق في الإنفاق".
وبحسب الصحيفة، أنه في بلد أغلب سكانه من المسلمين الشيعة، رأت إيران أن تدخلها يكون بتكريس الطائفية واستمالة الشيعة، بينما تريد السعودية استعادتهم مرة أخرى عبر إعادة إحياء الهوية العراقية العربية، وجعل العراقيين يواجهون إيران الفارسية، وتم تهميش القومية
العربية كثيرًا في
العراق بعد أن تم في عام 2003 حظر حزب البعث الذي حكم البلاد سابقًا.
واشارت المجلة الى أن التركيز الأكبر على
مدينة البصرة، التي تعد المحافظة الأغنى في العراق، وانطلاق السعوديين في المشروعات العملاقة في المدينة قد يسهم في تنافسهم أو تغلبهم على الإيرانيين، مشيرة الى أن المسؤولين العراقيين يأملون أن يمول السعوديون مشروعات طرق ويعيدون استخدام أنابيب نفطية، كانت حتى عام 1990 توصل النفط
العراقي إلى البحر الأحمر.
وتتابع المجلة تقريرها بالقول، إن الجنوب
العراقي بوصلته موجهة بشكل كبير حتى الآن نحو إيران، مشيرة الى أن الشوارع تحمل أسماء مثل آية الله الخميني، قائد الثورة الإيرانية. لكن ما بدأت السعودية في فعله بدأ في إشعار من في طهران بالعصبية، حيث تستدعي الرياض إلى ذاكرة العراقيين العرب والشيعة منهم أيضًا، ثماني سنوات من الحرب بين الدولتين العراقية الإيراني في الثمانينات. ويخشى رجال الأعمال الإيرانيون من المنافسة الجديدة التي سيضطرون إلى مواجهتها.
للتقرب من العراق، افتتحت إيران منطقة تجارة حرة بالقرب من المنطقة الحدودية مع البصرة، بحسب المجلة، حيث رفعت القيود على التأشيرات للعراقيين من أجل تسهيل عملية التسوق في
مدينة خوزستان الحدودية.
وأشارت إيكونومست إلى أن الواردات العراقية من إيران زادت مئات المرات عن صادراتها إلى الجمهورية الإسلامية، لافتة الى أن الفصائل العراقية المدعومة من إيران في وصم التقارب بين
بغداد والرياض، حيث يشير السياسيون التابعون لهذه الفصائل إلى نحو 3 آلاف سعودي انضموا لداعش. وسأل أحد رجال الفصائل المسلحة في البصرة: "كيف نرحب بقاتلينا؟". ومن جانبهم تردد رجال الدين في
مدينة النجف العراقية، بشأن الطلب المقدم من السعودية لإقامة قنصلية لها في المدينة الشيعية المقدسة.
وبشكل عام تقول إيكونومست إن التحرك السعودي أثبت شعبيته. ومع كل الروابط الطائفية التي تربطهم بالإيرانيين الشيعة، حارب سكان كثيرون من
البصرة في الصفوف الأمامية خلال الحرب الوحشية ضد إيران. ويرى عدد كبير منهم أن التدخل الإيراني في بلادهم نوع من الاستعمار.
وتختم المجلة البريطانية تقريرها بالقول ، إن دولا خليجية أخرى ترى
العراق كثقب أسود من الفساد، لكن الأمير الشاب محمد بن سلمان، ربما أيضًا يفتقد الصبر الاستراتيجي لرؤية ما ستؤول إليه مبادرته. لكن إذا كان السعوديون يأملون تحقيق انتصار سريع، فإن أول مباراة كرة قدم في
العراق بين منتخبه الوطني والسعودية ستظل محفورة لفترة طويلة. وركض اللاعبون السعوديون في أنحاء ملعب المباراة في البصرة، لكنهم خسروا في النهاية برباعية مقابل هدف.