مرة أخرى يفشل مجلس
النواب في مسعاه لتمرير
مشروع قانون العفو العام الذي طالما أثار
جدلا واسعا في الشارع العراقي، وذلك بعد مخاض عسير ومفاوضات مستمرة بين الكتل السياسية لم تثمر عنها أي نتائج إيجابية لغاية الآن.
ويعود أصل
القانون إلى قبل سنوات حيث يواجه منذ ذلك الوقت حملات شعواء كلما أعيد طرحه، بسبب وجود مخاوف لدى بعض الكتل من "ثغرات" قد تسمح بإطلاق سراح إرهابيين ومطلوبين للقضاء، في وقت تسعى فيه كتل أخرى لتبديد تلك المخاوف وإجراء مناورات لتمرير
القانون.
"فقرة واحدة" عرقلت التصويت
وكان من المقرر أن يتم التصويت على
مشروع قانون العفو العام في جلسة البرلمان التي عقدت اليوم الثلاثاء، إلا أن مادة خلافية واحدة عرقلت استمرار ذلك، ما أجبر رئيس البرلمان سليم الجبوري على تأجيل التصويت إلى يوم الخميس المقبل، وفقا لرئيس اللجنة القانونية البرلمانية محسن السعدون.
وأبلغ السعدون مؤتمرا صحفيا عقده بمبنى مجلس
النواب بأن الأخير صوت خلال الأسبوع الماضي على ثلاث فقرات من
القانون لكن الخلاف اقتصر اليوم على فقرة واحد أخرت الصياغة، إلى جانب رغبة البرلمان بحضور جميع
النواب للاتفاق على التصويت.
وبحسب السعدون فإن الجرائم غير المشمولة بالعفو العام تشمل "الجريمة الإرهابية التي تؤدي إلى القتل وتخريب مؤسسات الدولة وقتل القوات العراقية وقضايا الأمن الداخلي والمحاكم الجنائية المركزية وجرائم الاغتصاب والزنا بالمحارم وكذلك جرائم الاتجار بالبشر وتجارة المخدرات وجرائم الاختطاف".
تأييد حكومي قد يفض النزاع
ووسط تصاعد وتيرة الخلافات بين الفرقاء السياسيين، خرج رئيس الوزراء حيدر العبادي بموقف جديد قد يغير مجرى الأحداث. العبادي الذي ينتمي إلى ائتلاف دولة
القانون المعارض بشدة لتمرير العفو العام قال في تصريح لافت إن "الحكومة العراقية أقرت قانون العفو العام ونحن نؤيده"، كما دعا مجلس
النواب إلى الإسراع بإقراره.
وجاء ذلك بعدما كشف رئيس مجلس
النواب سليم الجبوري في وقت سابق عن "اتفاق" على تمرير العفو العام، أكد أن
القانون "سيطبع بصيغته النهائية تمهيدا لطرحه للتصويت".
وأيدت كتلة الأحرار ذلك على لسان نائبها علي شويلية الذي قال لـ
السومرية نيوز، إن اتفاقا سياسيا جرى خلال تشكيل الحكومة بين رئيس الوزراء والكتل السياسية على إقرار قانون العفو، وأكد أن "إقرار
القانون أصبح ملزما للكتل بناء على ذلك الاتفاق".
وحذر شويلية من أن عدم التصويت على
القانون قد يؤدي إلى "إفشال" الحكومة، متعكزا في ذلك على وجهات نظر لبعض الكتل السياسية تتعلق بـ"معتقلين من الكيانات السياسية الأخرى".
ولفت شويلية إلى أن "المرحلة الحالية تحتاج إلى إقرار العفو العام لوجود نسب مختلفة من الاعترافات بالغبن أو المظلومية، ومن الضروري بدء صفحة بيضاء جديدة مع المواطن".
في المقابل اتهم النائب عن ائتلاف
العراق عبد العظيم العجمان من يسوق للعفو العام بالسعي للحصول على "كسب جماهيري وانتخابي"، وقال لـ
السومرية نيوز إن "إقرار
القانون من عدمه لن تكون فيه فائدة كبيرة لأن هناك حاجة لمصالحة سياسية ومجتمعية قبل إصدار العفو".
وأضاف العجمان أن "جدوى العفو ضعيفة بغض النظر عما إذا كان سينفع مكونا معينا أو آخر"، معتبرا أن "القانون طوي في صفحة الماضي".
موافقة مشروطة وتحذيرات من وجود "ثغرات"
بدوره حذر النائب عن التحالف الوطني عبد السلام المالكي من وجود "ثغرات" في
القانون قد تسمح بخروج الإرهابيين من السجون، وأكد أن التحالف قدم تعديلا لبعض مواد
القانون لاسيما ما يتعلق بالمادة الثامنة من
القانون التي تمنح أحقية إعادة محاكمة المتهمين الذين انتزعت اعترافاتهم بالإكراه أو وردت معلومات عنهم عن طريق المخبر السري دون تقديم وثائق وأدلة للقضاء.
وأضاف المالكي أن "التحالف الوطني لا يعترض على قانون العفو العام من حيث المبدأ فهو من القوانين المهمة والذي يسهم بإعادة دمج بعض المحكومين بالمجتمع وتأهيلهم"، مبينا أن "البعض يحاول تمرير مواد مشبوهة لإخراج الإرهابيين وبعض دواعش السياسة ومرتكبي جريمة سبايكر، وهو أمر بعيد المنال ولن نسمح به بأي شكل من الأشكال".
ودعا الأطراف السياسية إلى "العودة لرشدها وترك المصالح الشخصية والحزبية والنظر إلى معاناة عوائل الشهداء الذين ذهبوا نتيجة بطش الإرهاب بدل السعي لإرضاء طموحات دواعش السياسة من أمثال طارق الهاشمي ورافع العيساوي وغيرهم ممن كانوا سبباً في استباحة مدن أبناء جلدتهم".
وتابع أن "دماء الشهداء خط أحمر ولن تخضع للمساومات أو الابتزازات من هذا الطرف أو ذاك، بالتالي فإن باقي الأطراف السياسية إذا كانت راغبة بتمرير
القانون بجلسة الثلاثاء المقبل فعليها الموافقة على التعديلات التي تم طرحها من قبل التحالف".
ومن المزمع أن يتم إدراج
مشروع قانون العفو العام على جدول أعمال جلسة البرلمان الـ14 من الفصل التشريعي الحالي التي ستعقد يوم الخميس المقبل بهدف عرضه للتصويت لكي يرى النور.