تفاقمت أزمة النازحين في
بغداد ولم تعد
الدولة أو منظمات المجتمع المدني قادرة على تلبية احتياجاتهم، ففي الجوامع ودور العبادة التابعة للوقفين السني والشيعي فتحت الأبواب على مصراعيها لاستقبال النازحين ومساعدتهم قدر المستطاع على تخطي محنتهم.
"باعنا الشيوخ والسياسيون المتاجرون بدمائنا وتخلوا عنّا"، هكذا تقول أم أحمد، وهي نازحة من الرمادي تسكن في جامع النداء شمالي
بغداد بعد أن تقطعت بها وبعائلتها السبل، بينما ترتدي السواد وتعبر بأسلوب عفوي بسيط عن مرارة الأيام التي تمر بها بعد أن تركت
منزلها من هول ما راؤه وسمعوه حول الفضاعات التي ارتكبها "داعش" في مدنهم.
وتضيف أم احمد في حديثها لـ
السومرية نيوز، إن "الاستحمام بات من الأمور المترفة جدا، ولم يعد بمتناول أحد إلا بعد عناء طويل"، لافتة الى أن "أسرتها تعيش وضعاً مزرياً، رغم كل ما يقدم لهم في الجامع، حتى أنها اضطرت الى جلب ابنتها التي لم يمضي على إجراءها عملية جراحية سوى أيام قليلة، حتى أن خيوط العملية ما زلت لم ترفع".
نازحة أخرى مسنة في العقد السادس من عمرها، كريمة عبد الله، لم تخفي حزنها الشديد الذي بدا واضحا على ملامح وجهها المرهق المليء بالتجاعيد، وتقول "اضطررنا الى النزوح وترك منازلنا في الرمادي بعد احتدام المعارك واشتداد الخطر علينا".
وتتساءل عبد الله بحرقة، "لماذا فعلوا بنا هكذا، نحن نائمون بالشارع نريد حلاً"، لافتة الى أنها "جاءت وبصحبتها أربعة عوائل مؤلفة من 22 شخصاً بينهم أطفال، ولا يوجد معيل أو راتب لديها".
وتوضح عبد الله، أن "المعارك في الرمادي مستمرة منذ سنة فوق رؤؤسهم"، مشددة بالقول، "حالاتنا المادية ضعيفة الى درجة نتغدى ولا نتعشى، وليس لدي أي علاج ولم يساعدني احد".
مساعدة النازحين واجب شرعي
رئيس المجلس البلدي لقاطع الأعظمية علي عبد الرضا، يقول لـ
السومرية نيوز، إن "منتسبي وزارة الهجرة والوقفين السني والشيعي والخيرين وفروا كل ما يستطيعون توفيره لمساعدة النازحين"، مبينا أن "إجراءات جرد العوائل النازحة ضمن قاطع مسؤوليته بدأت، ويجري اكامل نواقصهم الإدارية".
ويؤكد عبد الرضا بالقول، "سنوفر لهم دور سكن وخيم، ولا نقبل بقائهم في الحسينيات والجوامع كونهم عوائل ونساء وأطفال"، مبينا أن "قاطع الأعظمية يأوي حاليا ستة آلاف نازح منذ ستة أشهر".
ويشير عبد الرضا الى "مساعدة النازحين واجب شرعي، ولا بد من الوقوف وقفة أخوية مع هذه العوائل"، مبينا أن "المواد الغذائية ستتوفر لهم، وهناك موقف مشرف تمثل بفتح الأبواب لأهالي الانبار".
رئيس مجلس إنقاذ
الانبار الشيخ حميد الهايس بدوره، انتقد بشدة بعض من سياسيي محافظة الانبار، مبينا أنهم "يحتسون الشاي والقهوة" في المنطقة الخضراء بالعاصمة
بغداد وتركوا نازحي محافظتهم يواجهون معاناة التهجير، فيما أشار الى انه "عبر" أكثر من 10 آلاف نازح الى العاصمة "من دون كفيل".
مطالبات بفتح الفنادق أمام النازحين
عضو في مفوضية حقوق الإنسان بشرى العبيدي، اعتبرت إيواء النازحين من أهالي
الانبار في جوامع
بغداد أمر "غير صحيح"، فيما طالبت السلطات بفتح الفنادق أمام النازحين.
وتقول بشرى العبيدي، إن "وجود العوائل النازحة في الجوامع أمر غير صحيح والجوامع أماكن غير ملائمة لوجود النازحين"، موضحة أن "أسر بهذا العدد وفيها نساء واطفال يجلسون وينامون بشكل مكشوف للآخرين أمر غير صحيح".
وتدعو العبيدي أصحاب الأملاك الى "حفظ كرامة الناس وعدم استغلال النازحين ورفع الإيجارات"، مضيفة أنه "من المعيب المتاجرة بمصائر العراقيين واستغلال مصيبتهم".
وتشدد على ضرورة "فتح أصحاب الأملاك لمنازلهم أمام النازحين، كونه ظرف طارئ ومؤقت وليس دائمي"، مشيرة الى أن "الإيجارات وصلت الى مبالغ خيالية".
وأوضحت "نحن مع فتح الفنادق أمام النازحين"، مطالبة الحكومة المركزية ومجلس محافظة
بغداد بـ"فتح الفنادق أمام النازحين كما فعلت محافظة كربلاء التي حفظت كرامة النازحين".
يشار إلى أن مئات العوائل نزحت من محافظة الأنبار خلال الأيام القليلة الماضية إلى العاصمة
بغداد ومناطق أخرى بعد اشتداد العمليات العسكرية وسيطرة تنظيم "داعش" على بعض المناطق في المدينة.