تناوبت عدة شخصيات على توالي منصب رئيس الوزراء في العراق بعد عام 2003، وهو المنصب الأكثر جدلا في العراق ما يتمتع به صاحبه من صلاحيات واسعة تجعله الآمر الناهي في البلد، وكل من تولوا المنصب أصبحوا في دائرة الضوء في سنوات طويلة شهد العراق خلالها تغيرات وانعطافات شديدة بعضها غير وجه العراق.
ونوري المالكي، هو أحد أولئك الذي تسلموا هذا المنصب، واسمه نوري كامل محمد حسن المالكي من مواليد، (20 حزيران 1950)، وهو رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق بين عامي 2006 و2014، و نائب رئيس الجمهورية السابق من، (9 أيلول 2014)، حتى (11 آب 2015)، وهو أمين عام حزب الدعوة الإسلامي.
أدى المالكي والحكومة الانتقالية العراقية اليمين الدستوري في (20 أيار 2006)، وتولى منصب رئيس وزراء خلال ولايتين وفي الثانية منها تولى وزارة الداخلية بالوكالة ووزارة الدفاع أيضا والأمن الوطني.
بدأ المالكي حياته السياسية بصفته معارضا في زمن النظام السابق، وفي أواخر السبعينيات وتمكن من الخلاص من حكم الإعدام حيث توجه الى سوريا وفي سنة 1982 انتقل الى إيران ثم عاد الى سوريا بسبب خلافات، وأصبح احد كبار قادة حزب الدعوة الإسلامية، وقام بتنسيق أنشطة مناهضة للنظام السابق وشارك في جهود الإطاحة بصدام حسين.
والمالكي حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية أصول الدين في بغداد، وشهادة الماجستير في اللغة العربية من جامعة صلاح الدين في أربيل، وجده هو محمد حسن أبو المحاسن أحد قادة ثورة العشرين.
وانضم إلى حزب الدعوة الإسلامية في عام 1970، وأصبح عضوًا في قيادة الحزب ومسؤولًا عن تنظيمات الداخل، وتولى مسؤولية الإشراف على "صحيفة الموقف" المعارضة والتي كانت تصدر من دمشق، وكان رئيسًا للهيئة المشرفة على مؤتمر المعارضة العراقية في بيروت عام 1990م، كما كان عضوًا فاعلًا في جميع مؤتمرات المعارضة العراقية التي عقدت في شمال العراق وفي خارجه.
وفي عام 1980 أصدر صدام حسين قرارا حظر بموجبه نشاط حزب الدعوة فأصبح أعضاؤه مهددون بالإعدام، مما حدا بالمالكي والعديد من أعضاء حزب الدعوة إلى الفرار خارج البلاد، ولجأ إلى سوريا التي بقى بها حتى عام 1982 ثم انتقل إلى إيران، إلا إنه عاد إلى سوريا بعد ذلك وبقي حتى الغزو الأمريكي للعراق.
بعد سقوط نظام صدام حسين في (9 نيسان 2003)، عاد إلى العراق بعد هجرة دامت ربع قرن، واختير عضوا مناوبا في مجلس الحكم العراقي الذي أسس من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة برئاسة بول بريمر، كما شغل منصب نائب رئيس المجلس الوطني المؤقت، وأسهم في تأسيس كتلة الائتلاف العراقي الموحد وكان الناطق الرسمي باسمها، وهي التي رشحته لتولي مسؤولية رئاسة لجنة الأمن والدفاع في الجمعية الوطنية، وشارك في لجنة صياغة الدستور العراقي الذي كان عضوًا فيها.
وأنتخب المالكي لتشكيل أول حكومة عراقية دائمة منتخبة في أيار 2006، وذلك بعد أن تخلى رئيس حزب الدعوة الإسلامية ورئيس الحكومة إبراهيم الجعفري عن ترشيحه للمنصب بعد معارضة شديدة من الكتل السنية والكردية له، وكان الوضع الأمني في بداية ولايته سيئا، حيث بدأت عمليات الاختطاف والتهجير والقتل الطائفي، فأطلق في عام 2007 خطة "فرض القانون"، وكان من بين أعمال هذه الخطة عملية "صولة الفرسان" في البصرة والناصرية وبغداد وبعض المحافظات التي كانت شبه خاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة، وعمليات "أم الربيعين" في الموصل وذلك لتفكيك تنظيم القاعدة، كما وقع على إعدام الرئيس الأسبق صدام حسين الصادرة من محكمة عراقية، وقام بتنفيذ الحكم بسرعة.
وعلى الصعيد الدولي، وجه من خلال خطابات وزيارات عدة رسائل سلام وتعاون إلى دول العالم ومنها دول الجوار التي تحولت حدودها مع العراق إلى نقاط توتر، ونال خلال زياراته لدول العالم دعمًا لمبادرة المصالحة الوطنية، ولرغبة العراق الجديد في طي صفحة الماضي وتأسيس علاقات قائمة على الاحترام المتبادل وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، كما تم في نهاية عام 2008 توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة وذلك لتنظيم عملية انسحاب القوات الأمريكية منه.
وكلف رسميًا بتشكيل الحكومة مجددا في، (25 تشرين الثاني 2010)، وذلك قبل يوم من انتهاء المهلة الدستورية الممنوحة لرئيس الجمهورية جلال طالباني لتكليف من يتولى رئاسة الوزراء، واعتبر هذا التأخير بالتكليف الرسمي بهدف منحه أكبر وقت ممكن للتفاوض حول تشكيلة الحكومة وتوزيع المناصب الوزارية خلال مدة ثلاثين يومًا.
في شهر آب 2014 حاول نوري المالكي الفوز بولاية ثالثة، ورغم فوز التحالف الوطني بأكثر عدد من الأصوات في الانتخابات البرلمانية، إلا أن مساعي المالكي للحصول على ولاية ثالثة جوبهت بالرفض العام على كل المستويات بما فيه الرفض من داخل كتلة التحالف الوطني.
وفي خضم ذلك قرر التحالف الوطني ترشيح حيدر العبادي نائب المالكي في حزب الدعوة ليكون رئيس الوزراء، وهو الترشيح الذي وافقت عليه أغلب الكتل السياسي، فسارع الرئيس معصوم لتكليف العبادي رسميا لتشكيل الحكومة، و لكن المالكي رفض الإقرار بالهزيمة الداخلية، وأعلن ان رئيس الجمهورية خرق الدستور وإنه سيرفع دعوى قضائية ضد الرئيس، لكنه لاحقا تراجع وأعلن في خطاب متلفز في، (14 آب 2014)، وتم بثه في الحادية عشرة مساء بتوقيت بغداد عن تنازله عن الدعوى التي أقامها على رئيس الجمهورية، وأعلن عن دعمه لرئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي.
وبعد أحدث حزيران 2014 وسيطرة "داعش" على محافظة نينوى وعدة مناطق أخرى، حمل نواب وعدة كتل سياسية المالكي مسؤولية الأمر بصفته قائدا عاما للقوات المسلحة.
في (9 آب 2015)، فقد المالكي منصب الآخر بصفته نائبا لرئيس الجمهورية، وذلك بعد أن أعلن حيدر العبادي عن مجموعة قرارات وإصلاحات أبرزها إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية (نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي) ونواب رئيس مجلس الوزراء (بهاء الأعرجي وصالح المطلك وروز نوري شاويس) في استجابة للاحتجاجات الشعبية، وأقر مجلس الوزراء العراقي القرارات التي أصدرها.